يقود بنك الكويت المركزي، تحركات قوية لتطوير سوق السندات بالكويت، ضمن خطته للمساهمة مع هيئة أسواق المال في تطوير سوق المال المحلية، وبما ينسجم مع رؤية الكويت 2035 «كويت جديدة» التي تستهدف تحويل الدولة لتكون مركزاً إقليمياً رائداً مالياً وتجارياً.
وفي هذا الخصوص، كشفت مصادر ذات صلة أن «المركزي» اقترح على هيئة أسواق المال، العمل على تطوير سوق السندات والصكوك المحلية، بإيجاد أكثر من سوق لها، تساعد في تنويع مصادر التمويل، وإبطاء استنفاد الأصول ودعم تطوير سوق الدين للشركات المحلية.
أطر حوكمة
وتوضيحاً، يرتكز مقترح «المركزي» غير التقليدي على إطلاق منصة مخصصة لتداول السندات والصكوك، تحل العديد من مشاكل المستثمرين، ومتداولي السندات غير القادرين على الدخول إلى الأسواق الأولية، على أن تتضمن المنصة المستهدفة نافذة مبسطة الإجراءات تعمل على تذليل العقبات لأقصى حد ممكن، وتشجيع الإدراج لاحقاً، إلى جانب ما يتطلبه الأمر من أطر للحوكمة بما يؤدي لتطوير أسواق الدين المحلية.
ويحاكي تحرك «المركزي» لتطوير سوق السندات المحلي، التجارب الدولية الناجحة بإنشاء منصات تداول خاصة بمثل هذه الأدوات (السندات)، والتي أدت لتشجيع الشركات القائمة والشركات الجديدة على إصدار سندات غير مدرجة في البورصة.
تعزيز الجهود
ويحسب لـ «المركزي» في هذا الشأن، أن خطوته تأتي تعزيزاً لجهوده التي بدأ التوسع في تنفيذها خلال الأشهر الماضية، والتي تشمل تسريع التحول الرقمي مصرفياً، وزيادة المصدات الرقابية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب، وآخرها إعادة ضبط عمليات تحويلات وسحوبات الـ3 آلاف دينار.
ويستهدف «المركزي» تنشيط أسواق الدين المحلية، سواء من خلال جذب عملاء محليين لديهم فوائض مالية، واستقطاب مستثمرين أجانب للدخول إلى هذه السوق التي تلبي احتياجاتهم في البحث عن عوائد مستقرة أو البحث عن فرص تمويلية جاذبة.
تنمية وتطوير
وحسب المقترح، تتزايد أهمية تنمية وتطوير السياسات المتعلقة بتعميق أسواق الدين المحلية لدورها في زيادة فعالية أسواق المال، كقنوات لدعم الاستقرار المالي والنقدي، وتنويع الأدوات التمويلية المتاحة في السوق المحلي، متضمنة إيجاد أدوات استثمارية جديدة تعمل على إتاحة قنوات غير تقليدية للتمويل لتكون بين الاختيارات والبدائل المفضلة للمستثمرين.
ولعل ما يعزز أهمية هكذا مقترح، ملاءمة التوقيت الحالي لتبني الرؤى غير التقليدية التي تعمل على تطبيق الإصلاحات الاقتصادية الشاملة، ومعالجة الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد الكويتي عاجلاً غير آجل.
ارتفاع التكلفة
وتتضمن أبرز هذه الاختلالات التمويلية في الأسواق العالمية، ما يترتب عليها من مخاطر سيولة، وما يجره ذلك من ارتفاع كلفة اللجوء إلى الاقتراض من الأسواق العالمية، بينما تعد الفرصة سانحة لتدعيم سوق المال في الكويت، وهو ما سيكون مدعوماً بالسمعة المالية للكويت المشهود بها منذ سنوات طويلة.
ونوهت المصادر إلى أن ما يزيد وجاهة مقترح «المركزي»، نحو إنشاء أكثر من سوق للسندات محلياً، ما يشهده الاقتصاد العالمي حالياً من عدم استقرار مالي بسبب المخاطر المالية التي تحيط بكل الأطراف الاقتصادية، من مستهلكين ومستثمرين ووسطاء ماليين وحكومة، خصوصاً في الاقتصادات الناشئة والنامية، بحيث يتمثل مظهره الرئيسي في تراكم الديون، وتزايد احتمالية عدم القدرة على سداد الدين، الأمر الذي سيؤثر على مستقبل السياسات النقدية في كل الدول، وحركة تدفقات الاموال.
وذكرت المصادر أن استقراء دروس الأزمات المالية العالمية السابقة، واستشراف ما يحيط بالاقتصاد العالمي حالياً من مخاطر وتحديات، يؤكد أهمية العمل على تطوير سوق السندات المحلية، خصوصاً في ظل المستويات الحالية للعجز المالي، في حين أن أحجام الإصدارات بما فيها التي تخص الشركات، أقل مما هي عليه في الدول الأخرى بالمنطقة.
منحنى غائب
ولفتت المصادر إلى أن هناك توافقاً على أن سوق سندات وصكوك الشركات المحلية في الكويت يعد صغيراً جداً، وكذلك أسواق الدين الحكومي، مبينة أنه لا يوجد منحنى عائد يوفر أسعاراً مرجعية مناسبة لهذه الأدوات، ما يمثل تحدياً كبيراً أمام المتطلبات الخاصة بأسواق السندات الناجحة.
وتأتي النقاشات الرقابية المفتوحة بين «المركزي» و«هيئة الأسواق»، معززة بتفاهم واسع بين الناظمين الرقابيين، واعتماداً على تقرير بعثة المساعدة الفنية لصندوق النقد الدولي بعنوان «تطوير أسواق الدين المحلي» والذي جاء بناء على طلبهما مع إدارة الدين في وزارة المالية. ومن نافل الإشارة إلى أن «هيئة الأسواق» و«المركزي» يتابعان تطورات الأوضاع العالمية وتحدياتها، وبحث سبل وقاية الاقتصاد الكويتي من تداعياتها، وتدعيم الأسس والمؤشرات التي تظهر متانة الأوضاع المالية للكويت وإبرازها كمركز مالي.
7 مكاسب محليةمن تطوير سوق الدّين
يحسب لـ «المركزي» و«هيئة الأسواق» خطتهما لتطوير سوق المال، بحيث يمكن إبراز المكاسب التي يمكن جنيها من تطوير أسواق الدين المحلي، في أنها ستعمل على:
1 – زيادة مرونة الاقتصاد الكلي.
2 – تحسين كفاءة السياسة النقدية.
3 – إنشاء مرجعية لإصدارات القطاع الخاص.
4 – تسهيل تمويل الحكومة من السوق المحلي.
5 – زيادة مساهمة القطاع الخاص في النمو الاقتصادي.
6 – خفض الاعتماد على مصادر التمويل الخارجية واستبدالها بمحلية.
7 – إحداث طفرة بالصناعة المالية عبر توفير أسواق للدين، وتنويع الهيكل الاقتصادي.
يشار إلى أن تحقيق الاستقرار المالي في الاقتصاد يعد أحد أبرز مهام البنوك المركزية، إلى جانب الوظائف التقليدية كاستقرار مستويات الأسعار، وتحقيق معدلات نمو مناسبة، والحفاظ على كفاءة النظام المالي.