يبدو أن هوامش سعر صرف الجنيه المصري بين السوق الرسمية والموازية عادت للتوسع مجدداً، وبقوة، لتسجل مع ذلك مسافة سعرية لم يُعمل بها في التحويلات من خارج مصر منذ نحو 6 سنوات.
وفي التفاصيل، سجل صرف الجنيه في السوق السوداء أخيراً ضعفاً إضافياً ليصل مع ذلك لسعر أقل بنحو 1.5 دينار عن المعمول به في أقل شركات الصرافة سعراً والتي نفذت في الوقت نفسه تحويلات بواقع 16.2 دينار لكل ألف جنيه، ما يحمل انخفاضاً سعرياً بنحو 10 في المئة.
ووفقاً لشريحة من المتعاملين التقليديين بالتحويلات أفادوا بأن عند تحويلهم أخيراً أموالهم المعتادة شهرياً لأهاليهم والمرتبطة بأقساط مستحقة عليهم، عرض عليهم ما أسموهم تجار التحويلات تنفيذها بأسعار مميزة جداً، سواء عند مقارنتها بالأسعار الرسمية، أو عند قياسها بتكلفة التحويل السابق لهم.
وأوضحوا أنهم حصلوا أخيراً على خصم إضافي مقارنة بالذي كان مطروحاً عليهم في السوق الرسمي، يتراوح بين 1.4 و1.5 دينار عن كل ألف جنيه، مقارنة بربع ونصف الدينار كانوا يحصلون عليها قبل أسابيع من الآن.
فاتورة التوصيل
ولفتوا إلى أنه قبل أشهر كانوا يدفعون لتجار التحويلات قيمة سعر الصرف الرسمي نفسه إضافة إلى دفع ما يتراوح بين نصف الدينار والدينار عن كل تحويل يتراوح بين ألف و5 آلاف جنيه، تحت مسمى فاتورة التوصيل إلى المنزل، مبينين أن شيئاً ما تغير في الفترة الأخيرة، بدأ بخفض قيمة سعر الصرف في السوق السوداء بنحو نصف الدينار مقارنة بالسوق الرسمي، ليزيد الهامش أخيراً حتى وصل نحو 1.5 دينار عن كل ألف جنيه.
وقال بعض العملاء الذين شملتهم الشريحة المستطلعة أن الخصم المعمول به في السوق السوداء حالياً بنحو 1.5 دينار عن كل ألف جنيه أكثر شمولاً للتحويلات التي تتراوح بين ألف و5 آلاف جنيه، مع توصيلها حتى باب البيت، أما بالنسبة للتحويلات الكبرى والتي تصنف ضمن خانة النصف المليون والمليون جنيه، قد يتوسع الهامش مع السعر الرسمي لخفض إضافي قابل للتفاوض حسب توقيت التحويل وحاجة تاجر العملة من الدنانير.
نشاط كبير
وأفادوا بأن السوق السوداء للجنيه المصري في الكويت عادت مجدداً إلى العمل بنشاطها الكبير، بعد تقييدها لسنوات طويلة، وتحديداً منذ إقدام «المركزي» المصري على تعويم العملة، مشيرين إلى أنه لوحظ في الفترة الأخيرة تنامي نشاط التحويلات المنفذة إلى مصر من قبل تجار أفراد، بالسوق السوداء أو ما يعرف بالاقتصاد التحتي للجنيه، إلى حدود بدأت معها شركات الصرافة حتى المعلوم عنها تقديم أسعار أقل فقد جزء من حصتها السوقية.
وفي سوق الصرف، وخلال تعاملات أمس الخميس، تداولت البنوك في مصر أسعار صرف الدولار ما بين 19.11 و19.18 جنيه للشراء، و 19.19 و19.21 جنيه للبيع.
صعود طفيف
وفي الوقت الذي يواصل فيه القائم بأعمال محافظ البنك المركزي المصري، حسن عبدالله، تحركاته واجتماعاته التي ضمت عدداً من الوزراء والمسؤولين البارزين في الحكومة المصرية، إضافة إلى قادة بنوك محلية، لوحظ أن سوق الصرف شهدت حالة استقرار رغم الصعود الطفيف للدولار مقابل الجنيه المصري.
ورغم أنه لا توجد أرقام مؤكدة تبين حجم السوق السوداء العالمية رسمياً، إلا أن أرقام الأمم المتحدة والبنك الدولي والمؤسسات الدولية المستقلة تفيد بأنها تشكّل اقتصاداً عالمياً موازياً، يبلغ عشرات التريليونات من الدولارات سنوياً. وتُطلق على هذه السوق تسميات مختلفة على مستوى العالم، فهي السوق الخفية أو الرمادية أو سوق الظلّ أو غير الرسمية أو السوق غير الشرعية.
لهذه الأسباب ينخفض الجنيه
ربط خبراء اقتصاديون اتساع الهامش بين السوقين الرسمي والموازي لسعر صرف الجنيه أخيراً بتوقّعات وكالة موديز للتصنيف الائتماني مضي المسؤولين في البنك المركزي المصري بمسار تدريجي لخفض قيمة الجنيه بدلاً من التعويم الحاد لتفادي زيادات جديدة في معدلات التضخم.
وقبل أيام لفتت وكالة «بلومبيرغ» إلى أن تزايد الضغط على الاقتصاد المصري، دفع أكبر البنوك في العالم إلى الاعتقاد بأن القاهرة تحتاج لإضعاف عملتها مجدداً.
واستشهدت الوكالة بتحليلات لبنوك «دويتشه بنك» و«غولدمان ساكس» و«سيتي غروب» ذكرت فيها أن العملة المصرية مبالغ في قيمتها، حتى بعد تخفيضها بأكثر من 15 في المئة في مارس، حيث ذكر «دويتشه بنك» و«غولدمان ساكس» أن الجنيه مقوّم بأعلى من قيمته 10 في المئة، لكن «سيتي غروب» لديه تقدير أقل بـ5 في المئة.
وأكدت أن المرونة الأكبر للعملة المصرية أصبحت ضرورة في ظل سعي القاهرة للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي.
ويدفع الخبراء بأن السوق السوداء لعملات الدول التي يكون لديها سعر صرف ثابت أو عائم جزئياً مع الدولار مثل مصر، عادة ما تزدهر في الوقت الذي تتوافر فيه العملات الأجنبية القابلة للتحويل.
وقالوا «ضعف الجنيه حالياً مدفوع بتراجع التدفقات النقدية من العملة الأجنبية، وسط حديث مفتوح عن حاجة مصر لسداد نحو 30 مليار دولار خلال أشهر، وعدم وجود مؤشرات قوية تؤكد إمكانية السداد حتى الآن».