فيما تترقب أسواق العالم اجتماع مجلس الاحتياطي الفيديرالي الأميركي المقرر عقده الأربعاء المقبل 21 سبتمبر، حيث يتوقع التقيد بسياسة التشدد برفع الفائدة وزيادتها هذه المرة بين 0.75 وواحد في المئة دفعة واحدة، تتجه الأنظار محلياًَ إلى بنك الكويت المركزي، لاستشراف توجهاته، سواء بالمجاراة لـ«الفيديرالي» كما جرى التقليد الخليجي، ورفع الفائدة بين 0.75 وواحد في المئة، كما هو متوقع، أم يخالف المحافظ باسل الهارون، العادة بتغيير التكتيك محلياً؟
وفي هذا الخصوص، كشفت مصادر ذات صلة أن «المركزي» يسعى للحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي، وأن ذلك سيكون من خلال تفعيل محكم لحزمة من أدوات التدخل النقدي التي تساهم من جانبها في مساندة جهود «المركزي»، ومساعدة وحدات الجهاز المصرفي والمودعين في التصدي لأي آثار عكسية.
فعالية التوظيف
ورجحت المصادر أن يكون التوجه النقدي محلياً فيما يتعلق بمخرجات اجتماع «الفيديرالي» المرتقب باستخدام «المركزي» لسياسة التدرج بسعر الخصم من جانب، فضلاً على زيادة فعالية توظيف أدوات التدخل في السوق النقدي، وأدوات التحوط الكلية، بهدف خلق نوع من التوازن المطلوب بين مساعدة الاقتصاد على النمو من جهة، والمحافظة على جاذبية العملة الوطنية كوعاء مجزٍ للمدخرات من جهة أخرى.
وأشارت المصادر إلى أن البنك المركزي يحرص على إدارة سياسته النقدية وفقاً لمقتضيات التطورات المحلية، مبينة أن سياسته النقدية وأدواته المتاحة تمنحه قدراً مريحاً من الاستقلالية، يستطيع أن يوظفها لحماية القطاعات الاقتصادية، وعدم إثقال كاهل المواطن بزيادة تكلفة الاقتراض.
دراسة الأثر
وذكرت أن «المركزي» اعتمد في الآونة الأخيرة سياسة التدرج القائم على دراسة الأثر على المؤشرات النقدية والمالية، وذلك عند رفع معدل سعر الخصم (السعر المحوري لاتفاقيات الإقراض) بشكل يستطيع معه الاقتصاد غير النفطي في الكويت مواصلة نموه الإيجابي (يبلغ النمو المتوقع نحو 8 في المئة للعام الحالي)، وبما لا يؤدي إلى إثقال كاهل القطاعات الاقتصادية بأعباء تكاليف الاقتراض، أو التأثير سلباً على الدخل المتاح للقطاع الأسري بالانخفاض.
وفي المجمل تستهدف السياسة النقدية المحلية تمكين جميع القطاعات الاقتصادية من تلافي الآثار السلبية قدر الإمكان، فيما لو تم اعتماد القفزات الكبيرة في رفع سعر الخصم أسوة ببعض البنوك المركزية الرئيسية في العالم.
ونوهت إلى أن «الفيديرالي» يعطي حالياً الأولوية للتضخم بدلاً من التوظيف، وحتى إن أدى ذلك لدخول الاقتصاد الأميركي في حالة ركود قاسٍ، ما يدفعه لرفع الفائدة بأكبر من المتوقع، وقد يصل «الفيديرالي» إلى ذروة الفائدة في اجتماعه المقبل.
شهادة دولية
وذكرت المصادر أن البنك المركزي نجح طوال الفترة الماضية باقتدار حسب شهادة المؤسسات الدولية من تحقيق أهداف تلافي الأثر السلبي على القطاعات الاقتصادية، وأن ذلك بدا واضحاً خلال مواجهته تداعيات الأزمة العالمية، وتمكّنه من المحافظة على الاستقرار النسبي في الأسعار المحلية وفي النمو الاقتصادي.
وأفادت بأن الناظم الرقابي يتابع عن كثب التطورات الاقتصادية العالمية وتحركات البنوك المركزية الرئيسية لمواجهة الارتفاع التاريخي لمعدلات التضخم في العالم في أعقاب أزمة جائحة كورونا والتي زادت من تداعياتها التطورات الجيوسياسية (الروسية الأوكرانية) التي اندلعت في فبراير الماضي.
ونوهت المصادر إلى أن بنك الكويت المركزي يتابع عن كثب التطورات في الاقتصادين العالمي والمحلي، ويستخدم أدواته النقدية المتاحة، آخذاً في اعتباره خصوصية الاقتصاد الكويتي، كما لن يتوانى في اتخاذ السياسة النقدية التي تكفل الحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي وتوافر الدعم اللازم للنمو الاقتصادي.
ما فائدة عدم مسايرة الهارون لـ «الفيديرالي» في قفزته؟
منذ تعيينه إلى اليوم رفع محافظ بنك الكويت المركزي باسل الهارون سعر الخصم 75 نقطة أساس على 3 مرات، بينما رفع «الفيديرالي» الفائدة الأميركية 200 نقطة أساس على 3 مرات أيضاً.
ولولا هذا التباين، لكانت البنوك المحلية قد استمرت في تسعير الاقتراض ليلامس الـ8 في المئة، بينما لا يصل الآن إلى 6 في المئة، وفي حال غياب هذا الهامش يتحوّل الوضع ليكون مؤلماً للأفراد والقطاعات الإنتاجية، ومؤثراً سلبياً.
وبذلك يكون المستهدف حماية الاقتصاد بتوازن دون الإضرار بأي قطاع بما في ذلك القطاع المصرفي، مع المساهمة باستقرار واستمرار النمو، وتفعيل أدوات السياسة النقدية بتمكّن واقتدار.
لماذا سياسة التدرج أجدى للكويت؟
هناك جملة من الأسباب النقدية والمالية التي تجعل سياسة التدرج برفع سعر الخصم أجدى للكويت من تتبع أثر «الفيديرالي» كما درجت العادة، ولعل من أهمها الآتي:
1 – المحافظة على النمو الإيجابي للقطاع غير النفطي الذي تأثر بشكل سلبي على مدى 8 سنوات وانتكس في ظل جائحة كورونا.
2 – تعزيز القدرة على التوظيف لا سيما للكويتيين العاملين في القطاع الخاص والمشروعات الصغيرة الذي يزيد عددهم عن 70 ألف مواطن.
3 – السماح بعودة الاقتصاد للنمو بشكل أكبر لاستيعاب خطط الحكومة ومشاريعها، بعد الضرر البالغ الذي تعرض له الاقتصاد بسبب «كورونا».
4 – عدم تأثر الدخل المتاح للمقترضين من الأفراد.
5 – عدم تعثر الرهون العقارية قدر الإمكان.
6 – تخفيف التأثير المتوقع على أصحاب القسائم السكنية تحت الإنشاء والمقبلة البالغة 40 ألف وحدة سكنية لدى أصحابها تراخيص بناء.