اقتفت البورصات الخليجية أثر نظيرتها العالمية، حيث عم اللون الأحمر أسواق المال في المنطقة أمس لتفقد نحو 88.8 مليار دولار من قيمتها السوقية في جلسة واحدة.
وتعد التراجعات التي سجلتها بورصات الخليج أمس الرابعة لجهة قيمة الخسائر المسجلة في يوم واحد منذ بداية العام وفقاً لحسابات «كامكو إنفست».
وكان واضحاً تأثر أسواق الأسهم بالمنطقة بالتراجعات الحادة التي سجلتها أسواق الأسهم الأميركية والأوروبية الجمعة الماضي، على وقع المخاوف المتصاعدة من تشديد البنوك المركزية لسياساتها النقدية والقلق من دخول اقتصادات أميركا والقارة الأوروبية في حالة تباطؤ اقتصادي قد تصل إلى مرحلة الركود، إضافة إلى تراجع أسعار النفط نهاية الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوياتها منذ 8 أشهر.
وسجل المؤشر العام لبورصة الكويت التراجع الأكبر بين مؤشرات أسواق الخليج، أمس، حيث أغلق على انخفاض نسبته 2.69 في المئة، تلاه مؤشر البورصة السعودية الذي هبط بنحو 2.61 في المئة، في حين جاءت بورصة قطر ثالثة بتراجع مؤشرها بـ1.52 في المئة، تبعتها بورصة البحرين بانخفاض بلغ 1.4 في المئة، ثم سوق دبي المالي بـ0.72 في المئة، وأبوظبي بـ0.677 في المئة، وعُمان بـ0.33 في المئة.
أما بالنسبة للقيمة السوقية، فكانت الخسائر الأكبر خليجياً للبورصة السعودية التي فقدت 75.3 مليار دولار من قيمتها في جلسة أمس، أي نحو 84.8 في المئة من إجمالي خسائر أسواق المنطقة، تلتها بورصة أبوظبي بخسائر بلغت 4.7 مليار دولار، في حين حلت بورصة الكويت ثالثة بخسائر في القيمة السوقية لشركاتها المدرجة بلغت نحو 1.18 مليار دينار (3.9 مليار دولار).
وفقدت بورصة قطر نحو 3.3 مليار دولار من قيمتها السوقية، فيما خسر سوق دبي المالي نحو مليار دولار، وبلغت خسائر بورصة البحرين نحو 400 مليون دولار، في حين كانت بورصة عُمان الأقل خسائر فاقدة نحو 100 مليون دولار من قيمتها السوقية.
هبوط حاد
ومحلياً، شهدت مؤشرات بورصة الكويت خلال تعاملاتها أمس هبوطاً حاداً، فقدت القيمة السوقية لإجمالي الشركات المدرجة على إثره 1.184 مليار دينار، ما يعادل 2.69 في المئة، لتغلق في نهاية التداولات عند 42.772 مليار دينار.
ورغم ارتفاع خسائر الشهر الجاري إلى 5.3 في المئة، إلا أن القيمة السوقية الإجمالية للشركات المدرجة لا تزال تحتفظ بمكاسب منذ بداية العام تعادل 1.9 في المئة.
وانعكس الهبوط الكبير على الأسعار السوقية لمعظم الأسهم المدرجة، حيث تخلل جلسة أمس إجراء 139 فاصل تداول (سيركت بريكر) بعد خسارة أسهم بشكل متتابع لنسب تتجاوز 5 في المئة من قيمتها السوقية، فيما توزعت فواصل التداول بواقع 13 مرة في السوق الأول و126 في السوق الرئيسي (تكررت على أكثر من سهم).
محاولة الدفاع
ورغم محاولة بعض المحافظ الدفاع عن أسهمها ومراكزها الاستراتيجية من خلال عمليات شراء، إلا أن القوة البيعية تفوقت في معظم الأحيان، ما أدى إلى إغلاق 108 أسهم على انخفاض من أصل 130 شملتها التداولات، في حين أقفل 14 سهماً على ارتفاع و8 بقيت دون تغيير سعري يُذكر.
وفقد المؤشر العام للبورصة 200.04 نقطة بواقع 2.69 في المئة ليقفل بنهاية الجلسة عند مستوى 7244.09 نقطة، متأثراً بالهبوط الواضح الذي مُنيت به أسهم السوق الأول الذي خسر 206.12 نقطة بما يعادل 2.48 في المئة، تلاه مؤشر السوق الرئيسي الذي تراجع بـ205.88 نقطة وبواقع 3.58 في المئة ليغلق عند مستوى 5544.46 نقطة.
المراكز الإستراتيجية
ورغم الهبوط الكبير الذي سجلته بورصة الكويت إلا أن المراكز الاستثمارية الإستراتيجية تشهد استقراراً حيث عزف كثيرون من كبار الملاك والمساهمين عن البيع وفضلوا المراقبة وترقب ما ستشهده الجلسات المقبلة من تطورات.
ورصدت «الراي» ثباتاً بملكيات المؤسسات المالية الأجنبية في البنوك والشركات القيادية باستثناء التحركات التي تقوم بها الحسابات الخارجية النشطة كمواكبة يومية للتعاملات وعمليات البيع والشراء، في حين كانت معظم عمليات البيع محلية.
وأكدت مصادر مالية لـ «الراي» أن الانخفاض النسبي لأسعار النفط أثر نفسياً على المتعاملين، لافتة إلى أن الأوضاع لا تزال طيبة، خصوصاً أن المعدلات المسجلة التي تضمن تحقيق فوائض لميزانية الدولة لا تزال بعيدة عن الأسعار الحالية (تتراوح بين 85 و 90 دولاراً للبرميل).
وأفادت بأن التأثر النفسي بتراجع الأسواق العالمية جاء مبالغاً فيه، حيث تختلف المعطيات الفنية بين سوق وآخر إلا أن النتيجة تمثلت في هبوط جماعي، لاسيما لأسواق الخليج.
المتداولون يترقّبون
علقت مصادر استثمارية على المشهد الحالي للتداولات قائلة إن «المتداولين يراقبون ما تشهده أسواق المال العالمية من هبوط حاد فتتأثر نفسياتهم».
وأكدت أن الأوضاع الاقتصادية المحلية تشهد استقراراً ملحوظاً، لكن تأثر البورصة يتم استيراده من الخارج بشكل يكون في الغالب مبالغ فيه، منوهة إلى أن الشركات الكويتية ليست منكشفة بشكل كبير على الأسواق العالمية الأكثر تضخماً والتي تزداد مخاوف الركود فيها، إلا أن الكويت جزء من منظومة أسواق العالم التي تشهد تقلبات، بفعل التطورات المختلفة على أصعدة عدة، منها الاقتصادي والمالي وأيضاً السياسي والعسكري.
غياب الكبار والصنّاع والمحافظ الحكومية
لوحظ غياب كبار اللاعبين وصناع السوق عن مشهد التداول في بورصة الكويت أمس، بمن فيهم المحافظ الحكومية، في الوقت الذي تشهد فيه الأسهم عمليات بيع عشوائية من قبل أفراد ومحافظ أغلبها محلية، مع غياب للسيولة الشرائية والمبادرات وربما التحركات الدفاعية من أصحاب المراكز والملكيات الرئيسية بالشركات التشغيلية ذات الأوزان الكبرى، والتي ظلت دون تغيير.
أكبر الخسائر التي تكبّدتها بورصات الخليج في 2022:
136.989 مليار دولار في 19 يونيو
120.4 مليار دولار في 12 مايو
92.45 مليار دولار في 12 يونيو
88.8 مليار دولار في 25 سبتمبر