أفاد بنك الكويت الوطني، بارتفاع عدد سكان الكويت 1.8 في المئة خلال يونيو الماضي، مقارنة بنهاية 2021، في أول زيادة تسجل للمواطنين والوافدين على حد سواء منذ 2019.
وأوضح البنك في تقرير له أن عدد السكان الوافدين، مازال أقل بكثير من المستويات المسجلة في فترة ما قبل «كورونا»، إلا أنه شهد ارتفاعاً بالنصف الأول من العام في ظل استئناف الأنشطة الاقتصادية في القطاعات كثيفة العمالة وزيادة الحاجة للعمالة المنزلية.
وتابع التقرير أن معدلات توظيف المواطنين الكويتيين شهدت ارتفاعاً حاداً العام الماضي، بفضل تزايد فرص العمل التي وفرها القطاع الخاص، مشيراً إلى أنه رغم انخفاض معدل البطالة بين المواطنين إلى نحو 5.2 في المئة، والذي يعد أدنى المستويات المسجلة منذ 2016، إلا أن استمرار تزايد فرص العمل بدعم من النمو الاقتصادي، يعد من أحد أبرز الأمور الجوهرية لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الداخلين الجدد لسوق العمل.
وذكر «الوطني» أنه وفقاً لأحدث البيانات الديموغرافية الصادرة عن الهيئة العامة للمعلومات المدنية، اتخذ عدد سكان الكويت مساراً مغايراً بالنصف الأول من 2022، إلا انه مازال أقل 3.5 في المئة على أساس سنوي، في وقت بقي معدل نمو عدد المواطنين الكويتيين ثابتاً دون تغير عند 2 في المئة على أساس سنوي على مدار العامين ونصف العام الماضيين.
ونوه إلى ارتفاع أعداد الوافدين مرة أخرى بنسبة 2.3 في المئة خلال النصف الأول من 2022، ولكنها مازالت منخفضة بشكل ملحوظ على أساس سنوي وأقل 11.4 في المئة عن مستويات الذروة المسجلة في 2019، بانخفاض 382 ألفاً.
أكبر انخفاض
وأفاد التقرير بأنه على صعيد الوافدين، سجلت أعداد الجالية الهندية أكبر انخفاض بنسبة 15 في المئة على أساس سنوي وبنحو 153 ألف شخص، يليهم المصريون بنحو 9 في المئة و58 ألفاً 2021، لافتاً إلى انخفاض الهنود من إجمالي عدد السكان إلى 19 في المئة مقابل 22 في المئة 2019، بينما انخفضت نسبة المصريين من 15 إلى 14 في المئة من إجمالي عدد السكان.
وأوضح أنه رغم الانخفاض الملحوظ في أعداد الوافدين مقارنة بـ2019، إلا أن عدد أفراد عائلاتهم ارتفع 3.5 في المئة، ما قد يؤشر على أن معظم الأشخاص الذين غادروا البلاد خلال العامين ونصف العام الماضيين كانوا ضمن فئة العمالة منخفضة الأجور، ممن ليس لديهم عائلات مقيمة في الكويت.
ولفت التقرير إلى تقلص نسبة السكان الكويتيين الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً، من أكثر من 42 في المئة من السكان عام 2000، إلى نحو 33 في المئة خلال يونيو 2022، بينما زادت فئة السكان ممن هم في سن العمل (15-64 عاماً) بوتيرة سريعة، إذ تمثل الآن نحو 62 في المئة من إجمالي سكان الكويت، ما يزيد الحاجة المستمرة لزيادة التوظيف.
وتابع أن نسبة الكويتيين الذين تزيد أعمارهم عن 64 عاماً آخذة في الارتفاع تدريجياً، وإن كان ذلك الارتفاع بنسبة محدودة لا تتعدى 4.7 في المئة، ما يؤشر على زيادة الطلب على الدعم الاجتماعي من الحكومة والمعاشات التقاعدية للمتقاعدين، مشدداً على أنه وبصفة عامة، تتسق تلك الاتجاهات مع الاتجاهات السكانية للدول الغربية المتقدمة.
وكشف أنه كانت هناك زيادة هامشية في معدل مواليد المواطنين الكويتيين عام 2021 بنسبة 2.3 في المئة، مقابل نحو 2.2 في المئة خلال 2020، ما قد يعزى لقضاء وقت أطول في المنزل خلال العامين الماضيين نظراً لفرض قيود التنقل، مبيناً أن معدل المواليد مازال يتخذ اتجاهاً هبوطياً بصفة عامة، إذ استمر بالانخفاض بوتيرة مطردة من نحو 3 في المئة عام 2010.
العمالة المنزلية
وأوضح التقرير أنه رغم انخفاض عدد الوافدين منذ 2019، إلا أن عدد العمالة المنزلية انخفض بنسبة أقل، ما أدى إلى ارتفاع تمثيلهم بين الوافدين من نحو 20 في المئة 2017 إلى نحو 23.6 في المئة.
وتابع أن تكوين عائلات كويتية جديدة (1.5 إلى 2 في المئة سنوياً) من ضمن أبرز العوامل التي تساهم في زيادة الحاجة إلى العمالة المنزلية، والتي بلغ عددها الإجمالي نحو 700 ألف نسمة في يونيو 2022.
وأكد أنه يجدر النظر للاتجاه السائد لأعداد الوافدين باستثناء العمالة المنزلية، كمؤشر لاتجاهات أنشطة الأعمال على مستوى الاقتصاد، وربما استهداف إعادة توازن التركيبة السكانية للدولة بمرور الوقت.
وذكر أنه في يونيو الماضي، شكل الأجانب باستثناء العمالة المنزلية 50.7 في المئة من إجمالي عدد السكان مقابل 55.6 في المئة 2017، ما يعني انخفاضاً أكثر حدة من انخفاض نسبة الأجانب بصفة عامة في البلاد.
القطاع الخاص
وأشار التقرير إلى انخفاض المعدل الإجمالي للتوظيف باستثناء العمالة المنزلية، 5.9 في المئة على أساس سنوي في يونيو 2022، مدفوعاً بشكل كبير بانخفاض وظائف غير الكويتيين بنحو 9 في المئة.
وأضاف أنه على النقيض من ذلك، ارتفعت الوظائف التي يشغلها المواطنون الكويتيون 6.1 في المئة، ما يعد أقوى معدل نمو منذ 2011، في وقت قفزت نسبة المواطنين الكويتيين من المعدل الإجمالي باستثناء العمالة المنزلية إلى 23.4 في المئة مقابل 18.7 في المئة 2019.
ولفت إلى ارتفاع عدد وظائف المواطنين الكويتيين خلال الاثني عشر شهراً المنتهية في يونيو 2022 بنحو 26 ألف وظيفة، ليصل 449 ألفاً بدعم من التوظيف بالقطاع الخاص الذي جاء في الصدارة بإضافته 13.6 ألف وظيفة مقابل 12.3 ألف للقطاع العام، مبيناً أنها المرة الأولى التي يضيف فيها القطاع الخاص وظائف أكثر من القطاع العام منذ 2013.
وتابع أنه رغم ذلك، لم تشر أي بيانات أخرى لقفزة مماثلة في ما يتعلق ببيانات وظائف القطاع الخاص من مصادر عامة أخرى، ما قد يظهر إمكانية أن تكون تلك القفزة ناتجة عن عمليات إعادة تصنيف البيانات.
ومن جهة أخرى، أفاد التقرير بانخفاض عدد العاطلين عن العمل من المواطنين الكويتيين إلى 24 ألفاً، وبنحو 26 في المئة على أساس سنوي، ليسجل بذلك أدنى مستوى منذ ديسمبر 2017، وليصل معدل البطالة على مستوى المواطنين الكويتيين إلى 5.2 في المئة.
المرأة الكويتية
وذكر «الوطني» أن نسبة مشاركة المرأة الكويتية في القوى العاملة شهدت زيادة مطردة، إذ ارتفعت من 48 في المئة 2010 إلى 51 في المئة بالنصف الأول من 2022، لافتاً إلى تراجع عدد ربات البيوت من الكويتيات غير العاملات بنسبة كبيرة بلغت 26 في المئة منذ 2018، ما يعني دخول المزيد من السيدات المتزوجات لسوق العمل.
ويأتي ذلك في وقت ظهر اتجاه آخر سلط الأضواء على ادماج المرأة في سوق العمل، تمثل في ارتفاع معدل مشاركتها (نسبة القوى العاملة من السكان في سن العمل)، إذ إنه منذ 2017، ارتفع معدل مشاركة المرأة في سوق العمل تدريجياً، ليصل الآن إلى 49.8 في المئة مقابل 45.6 في المئة 2017، في حين أن معدل مشاركة الموظفين الكويتيين من الذكور ورغم أنه مازال أعلى قليلاً من الإناث بصفة عامة، إلا انه اتخذ مساراً تنازلياً إذ وصل إلى 50.8 في المئة مقابل 52.5 في المئة 2018، ما يعني ضمناً توجه المرأة تدريجياً للعمل في القطاع الرسمي أكثر من الذكور.
واعتبر أن تسجيل معدل مشاركة المرأة في القوى العاملة لمعدلات نمو إضافية، قد يتحرك بوتيرة أكثر اعتدالاً، نظراً لأن معظم المكاسب قد تحققت بالفعل، مؤكداً أنه رغم ذلك، تدعم تلك التوجهات زيادة القدرة الشرائية للإناث وتساهم في تعزيز الاستهلاك الخاص.
وأوضح التقرير أنه رغم عدم توافر البيانات ذات الصلة بنهاية 2021، ولكن على مدار الاثني عشر شهراً المنتهية في يونيو 2022، تراجع عدد وظائف غير الكويتيين بصورة حادة، إذ تصدرت قطاعات مثل البناء والتشييد والعمالة المنزلية الخاصة وتجارة التجزئة والصناعات التحويلية التراجعات.
واعتبر أنه قد يكون لفقدان الوظائف ذات المستوى الأدنى والأجور المحدودة تأثير أقل نسبياً على الاقتصاد من منظور تناسبي، إلا أنه قد يساهم أيضاً في نقص عمالة تلك القطاعات، إذ انخفض إجمالي العمالة غير الكويتية 7 في المئة على أساس سنوي في يونيو 2022، ليرتفع بذلك معدل الانخفاض التراكمي إلى 14 في المئة منذ 2019.
وأشار «الوطني» إلى أنه باستثناء العمالة المنزلية، انخفضت العمالة غير الكويتية 9 في المئة على أساس سنوي وبـ17 في المئة منذ 2019، منوهاً إلى بروز فروقات واضحة بين القوى العاملة الكويتية وغير الكويتية من حيث المؤهلات التعليمية، إذ إن أكثر من 50 في المئة من الموظفين الكويتيين حصلوا على مؤهلات علمية بدرجة دبلوم أو أعلى، بينما تنخفض الفئة نفسها إلى أقل من 10 في المئة بين صفوف غير الكويتيين.
وكشف أنه بمعنى آخر، فإن أكثر من 90 في المئة من الوافدين لم يحصلوا على درجة عالية من التعليم وربما يعملون في وظائف منخفضة المستوى، وأنه رغم إشارة ذلك إلى مساهمتهم الاقتصادية المحدودة، إلا أنه يصعب أيضاً استبدالهم بمواطنين كويتيين، نظراً لعدم اتساق المؤهلات والمهارات بين الجانبين.
زيادة الطلب
ذكر «الوطني» أنه بالنظر للزيادة السكانية حتى نهاية النصف الأول من 2022 مقارنة بنهاية 2021، يبدو أن الوظائف الجديدة أعادت العمالة من ذوي الدخل المنخفض إلى البلاد، بما في ذلك العمالة المنزلية.
ورأى أنه خلال الفترة الحالية، يعاود الاقتصاد تدريجياً استعاده مكاسبه التي خسرها نتيجة تداعيات «كورونا»، بدعم من ارتفاع أسعار النفط، مبيناً أنه وفي ظل حرص الحكومة على المضي قدماً في مساعيها لتطوير البنية التحتية وتنفيذ خططها الاستثمارية، متوقع تزايد الطلب على العمالة الوافدة للمساعدة في تنفيذ المشاريع، وإن كان ذلك على الأرجح بوتيرة أبطأ مما قبل 2019.
ولفت إلى استمرار جهود توطين الوظائف التي تبذلها الحكومة سعياً لتحويل مزيد من الوظائف إلى المواطنين، مع إبقاء عدد الوافدين (باستثناء العمال ذوي الدخل المنخفض) في حدود مقبولة، إذ ظهر أثر جهود التكويت بشكل أكثر وضوحاً في القطاع العام، موضحاً أنه منذ الوصول لمستويات الذروة حتى الآن، انخفضت العمالة الوافدة في القطاع العام 23 في المئة مقارنة بانخفاض 18 في المئة بالقطاع الخاص.
واعتبر أن معدل المواليد بين المواطنين الكويتيين قد يعود للتراجع مرة أخرى إلى مستويات ما قبل «كورونا»، وأنه نتيجة لذلك، قد يشهد معدل النمو السكاني في الكويت المزيد من التراجع خلال السنوات المقبلة.
وأكد أن التحدي الأساسي الذي يواجه الحكومة حالياً، مازال يتمثل في استدامة خلق فرص عمل جديدة للكويتيين، بالنظر إلى زيادة عدد السكان في سن العمل، إذ أن نحو 15 إلى 20 ألف موظف كويتي إضافي يدخلون سوق العمل سنوياً، بحيث يتطلب استيعابهم نمو الاقتصاد غير النفطي بوتيرة قوية ومستدامة.