أشار بنك الكويت الوطني إلى أن الإنفاق الاستهلاكي في الكويت بقي قوياً، ما ساهم في دعم الاقتصاد غير النفطي، موضحاً أن وتيرة النمو تباطأت في الربع الثالث من العام الجاري على أساس سنوي مقارنة بالأرباع السابقة، إلا أن التعافي كان قوياً في أعقاب رفع تدابير احتواء «كورونا»، رغم المخاوف المتعلقة بزيادة ضغوط تكلفة المعيشة.
ولفت البنك في تقريره الاقتصادي، إلى أن تدابير الدعم التي طبقتها الحكومة العام الماضي، والتي تضمنت تأجيل سداد أقساط القروض للمواطنين الكويتيين وصرف بدلات خاصة للمتقاعدين في الربع الثاني من 2022، ساهمت في تعزيز الإنفاق هذا العام، لافتاً إلى أنه مع بدء تلاشي تأثير هذه التدابير بشكل مستمر، عاد النمو إلى وتيرته الاعتيادية خلال الربع الثالث من العام الجاري.
وبين التقرير أنه في الوقت نفسه، واصلت معدلات التوظيف تحسنها بالتزامن مع نمو الأجور وتزايد ثقة المستهلك، بالإضافة إلى قوة الدينار الكويتي بما يتسق إلى حد كبير مع قوة الدولار، إذ أدت تلك العوامل مجتمعة إلى التخفيف من تداعيات الضغوط التضخمية على الإنفاق الاستهلاكي، والتي تعتبر أكثر اعتدالاً مما هي عليه في أجزاء أخرى من العالم، خصوصاً في الدول الغربية.
وتوقع استمرار الاتجاه العام للإنفاق إيجابياً، مع اعتدال مستويات الزيادة بالمقارنة مع المستويات المرتفعة السابقة، في ظل تزايد معدلات التضخم ورفع أسعار الفائدة.
ونوه التقرير إلى أنه وفقاً للميزانية الحكومية للسنة المالية 2022/ 2023 والتي تم إقرارها أخيراً، فقد تمت إضافة مدفوعات رعاية اجتماعية للصفوف الأمامية مقابل العمل المنجز خلال الجائحة، بالإضافة إلى نحو 400 مليون دينار بما يمثل نحو 1 في المئة من الإنفاق السنوي للمستهلكين بواسطة البطاقات المصرفية، لدفع تكاليف الموظفين الحكوميين الراغبين في صرف إجازاتهم السنوية، الأمر الذي من المقرر أن يدعم الإنفاق في الفترة الأخيرة من العام الجاري.
وتابع أنه وفقاً لإحصاءات بنك الكويت المركزي، تباطأت وتيرة النمو الإجمالي للإنفاق باستخدام البطاقات المصرفية، بما في ذلك عمليات السحب النقدي من أجهزة السحب الآلي في الربع الثالث من 2022، إلا أنها استقرت عند مستوى 17 في المئة على أساس سنوي، ما ساهم في تعزيز معدل النمو منذ بداية العام إلى 25 في المئة على أساس سنوي.
ولفت التقرير إلى استفادة الإنفاق الاستهلاكي في وقت سابق من العام الجاري من تدابير الدعم الحكومي التي وفرتها الدول للمواطنين، إلا أنه مع تلاشي التأثير الإيجابي لتلك التدابير، إلى جانب خفوت تأثير التعافي بعد «كورونا»، عادت الآن معدلات نمو الإنفاق إلى مستوياتها الطبيعية.
وأفاد بأنه في الربع الثالث من العام، والذي يتزامن عادة مع العطلة المدرسية، شهد الإنفاق في الخارج ارتفاعاً موسمياً بدعم من تعافي اتجاهات السفر الدولية بعد رفع التدابير المتعلقة باحتواء «كوفيد-19»، إذ سجل الإنفاق الخارجي نمواً بنسبة 45 في المئة على أساس سنوي، ما أدى لارتفاع حصة المعاملات الخارجية من إجمالي الإنفاق بنسبة 6.8 في المئة خلال الربع الثالث من عام 2022 مقابل 5.5 في المئة العام السابق.
الدفع عبر الإنترنت
وكشف التقرير أن المعاملات التي تم إجراؤها بواسطة بوابات الدفع الالكتروني (أي عبر الإنترنت)، شهدت نمواً مستمراً في نسبة مساهمتها في إجمالي الإنفاق، إذ تصل الآن إلى 35 في المئة مقابل 24 في المئة بالربع الرابع من عام 2020، والتي تزايدت على حساب عمليات السحب من أجهزة السحب الآلي.
وتابع أنه في المقابل، بقيت حصة معاملات نقاط البيع ثابتة إلى حد كبير، منوهاً إلى أنه يمكن تفسير تراجع المعاملات النقدية كنتيجة لتزايد التوجه لتسديد الإيجارات باستخدام نقاط البيع عبر الإنترنت، إذ إنه عادة ما يعتبر هذا العنصر أكبر عناصر الإنفاق الاستهلاكي خصوصاً للوافدين.
قروض الأسر
وأوضح «الوطني» في تقريره، أن القروض لقطاع الأسر (باستثناء الائتمان الممنوح لشراء الأوراق المالية) مازالت قوية، إذ سجلت نمواً بنسبة 11 في المئة على أساس سنوي في الربع الثالث من عام 2022.
ويأتي ذلك في وقت بقي النمو السنوي للتسهيلات المقدمة لقطاع الأسر عند مستويات مرتفعة خلال الأرباع الماضية، كما كان زخم الائتمان الشخصي من المحركات الرئيسية لتحسن وتيرة الائتمان على مستوى القطاع المصرفي بصفة عامة، إذ ارتفعت حصة قطاع الائتمان الممنوح للأسر، إلى 39.1 في المئة مقابل 36.9 في المئة خلال الربع الرابع من 2020.
وكشف أنه من المقرر أن تبقى مثل تلك المستويات القوية من الائتمان للأسر، ما يساهم في تعزيز الإنفاق الاستهلاكي، منوهاً إلى أنه وبالرغم من ارتفاع أسعار الفائدة، إلا أن «المركزي» اتخذ نهجاً تدريجياً مقارنة بالدول الأخرى حتى الآن هذا العام، ما يشير إلى تأثير أقل على الائتمان الشخصي، مما لو تم رفع سعر الفائدة بوتيرة أسرع.
وتابع أن الحاصلين على القروض للأسر في الوقت الحالي يتمتعون بحماية من ارتفاع أسعار الفائدة، نظراً لهيمنة الإقراض بسعر فائدة ثابت، ما يحدّ من التأثير المباشر على الدخل المتاح وعادات الإنفاق.
معدلات التوظيف
وكشف التقرير أنه بعد صدمة جائحة «كوفيد-19»، بدأت تظهر علامات دالة على انتعاش سوق العمل، مع ارتفاع التعداد السكاني ومعدلات التوظيف مرة أخرى، وسط تسارع نمو الأجور، إذ توافر هذه التطورات بعض الدعم الأساسي لتوقعات الإنفاق.
وأفاد أنه وفقاً للبيانات الصادرة عن الهيئة العامة للمعلومات المدنية، فقد ارتفع إجمالي عدد سكان الكويت بنسبة 1.8 في المئة بحلول يونيو 2022 مقارنة بنهاية عام 2021، ما يعد أول معدل نمو يتم تسجيله منذ عام 2019.
واعتبر التقرير أنه ربما كانت تلك الزيادة مدفوعة في الغالب بانتعاش الطلب على العمالة الوافدة ما بعد الجائحة، خصوصاً العمال من ذوي المهارات المنخفضة نسبياً، والذين سجلت أعدادهم انخفاضاً حاداً منذ 2019، رغم عدم توافر بيانات التوظيف بنهاية العام لتأكيد ذلك.
وأفاد أنه من جهة أخرى تراجعت معدلات التوظيف الإجمالي باستثناء العمالة المنزلية بنسبة 5.9 في المئة على أساس سنوي في يونيو 2022، ما يعزى بصفة رئيسية لتراجع وظائف غير الكويتيين بنسبة 9 في المئة.
وأضاف أنه في المقابل، فإنه على مدار الاثني عشر شهراً المنتهية في يونيو 2022، ارتفع عدد الوظائف المتاحة للمواطنين بنحو 26 ألفاً لتصل إلى 449 ألفاً بنمو 6.1 في المئة، بصدارة القطاع الخاص الذي أضاف 13.6 ألف وظيفة جديدة.
ورأى أن هذا المعدل يعتبر ايجابياً مقارنة بتوفير القطاع العام لنحو 12.3 ألف وظيفة، إلا أن تسجيل القطاع الخاص لقفزة مماثلة لم يكن واضحاً في البيانات الواردة من مصادر عامة أخرى، ما يشير إلى وجود اختلافات في تصنيف البيانات والتي قد تكون مسؤولة عن تلك الفروق.
وأشار إلى انخفاض عدد العاطلين عن العمل من المواطنين الكويتيين إلى 24 ألفاً بنسبة 26 في المئة على أساس سنوي، والذي يعتبر من أدنى المستويات المسجلة منذ ديسمبر 2017.
انتعاش أجور المواطنين
وأوضح التقرير أنه في الوقت ذاته، وفقاً لبيانات نظام معلومات سوق العمل، فقد انتعش نمو أجور المواطنين الكويتيين هذا العام، بدعم من القطاعين العام والخاص.
وكشف أنه خلال الربع الثاني من عام 2022، ارتفعت رواتب المواطنين الكويتيين بنسبة 2.1 في المئة على أساس سنوي، بعدما سجلت نمواً بنسبة 1.7 في المئة على أساس سنوي في الربع الأول من 2022. وأشار إلى تسارع وتيرة نمو أجور القطاع العام إلى 1.4 في المئة على أساس سنوي في الربع الثاني من 2022، ما يعد أعلى معدل نمو سنوي منذ الربع الرابع من 2020.
ورأى أنه على الرغم من تباطؤ وتيرة نمو أجور القطاع الخاص إلى 4.7 في المئة على أساس سنوي في الربع الثاني من 2022، مقابل 5.3 في المئة بالربع الأول من 2022، إلا ان معدل النمو ظل أعلى بكثير من متوسط النمو السنوي البالغ 3.7 في المئة منذ بداية 2020.