لفت ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الأمير محمد بن سلمان إلى أن مسيرة التحول الاقتصادي التي تتبناها حكومة المملكة مستمرة، وأن ما تحقق من نتائج إيجابية حتى الآن وفق توجيهات خادم الحرمين الشريفين يؤكد نجاح الإصلاحات الاقتصادية والمالية الهادفة إلى تعزيز النمو الاقتصادي الشامل، وتقوية المركز المالي للمملكة، بما يضمن الاستدامة المالية نحو مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح.
وأوضح بن سلمان أن الحكومة تستهدف في ميزانية 2023 ترتيب أولويات الإنفاق على المشاريع الرأسمالية وفق الإستراتيجيات المناطقية والقطاعية، المتوائمة مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 والتوجهات الوطنية، وأنها مستمرة في تنفيذ البرامج والمشاريع ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي، إضافة إلى دعم التنوع الاقتصادي وتمكين القطاع الخاص بتحسين بيئة الأعمال، وتذليل المعوقات؛ لجعلها بيئة جاذبة، ورفع معدلات النمو الاقتصادي للعام القادم وعلى المدى المتوسط.
وقال إن التعافي الاقتصادي ومبادرات وسياسات الضبط المالي وتطوير إدارة المالية العامة وكفاءتها أسهمت في تحقيق فائض في الميزانية، مع المحافظة على تحقيق المستهدفات الرئيسية للرؤية، حيث يتوقع أن يبلغ الفائض في عام 2022 نحو 2.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مؤكداً أن الفوائض المتحققة في الميزانية ستوجه لتعزيز الاحتياطيات الحكومية، ودعم الصناديق الوطنية، وتقوية المركز المالي للمملكة؛ لرفع قدراتها على مواجهة الصدمات والأزمات العالمية.
وأشار ولي العهد السعودي إلى أنه يتم النظر حالياً في إمكانية تعجيل تنفيذ بعض البرامج والمشاريع الإستراتيجية ذات الأولوية، مبيناً أن الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية التي تطبق منذ انطلاق رؤية المملكة 2030 أسهمت في تحسين المؤشرات المالية والاقتصادية، ودفع مسيرة التنويع الاقتصادي والاستقرار المالي، حيث حققت المملكة حتى نهاية الربع الثالث من 2022، معدلات مرتفعة في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بلغت نحو 10.2 في المئة، وانعكس ذلك بوضوح على نمو العديد من الأنشطة الاقتصادية والقطاعات المختلفة غير النفطية بتسجيلها معدل نمو 5.8 في المئة، فيما من المتوقع بنهاية العام الجاري بلوغ نمو الناتج المحلي الإجمالي 8.5 في المئة.
وأضاف: «كما انعكس ذلك النمو على خلق مزيد من فرص العمل، ما أسهم في انخفاض معدلات البطالة بين المواطنين إلى 9.7 في المئة خلال الربع الثاني من 2022، وهو الأقل خلال العشرين سنة الماضية»، منوهاً إلى أن أكثر من 2.2 مليون مواطن يعملون في القطاع الخاص، وهو الرقم الأعلى تاريخياً، كما أشاد بارتفاع المشاركة الاقتصادية للمرأة من 17.7 إلى 35.6 في المئة.
وأكد بن سلمان أن المواطن السعودي هو أعظم ما تملكه المملكة للنجاح، لافتاً إلى أن دور المواطن محوري في التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة، ويسهم بشكل مباشر في تحقيق الإنجازات والمضي قدماً في مختلف المجالات والقطاعات الواعدة.
وأوضح أن الحكومة تواصل جهودها في تعزيز منظومة الدعم والحماية الاجتماعية للمواطنين لما تشكله من أهمية في توفير مستوى معيشي كريم للمواطنين كافة، وبالذات الفئات الأقل دخلاً، مبيناً أن جميع برامج الرؤية تهدف إلى تعزيز جودة حياة المواطنين، بما في ذلك زيادة فرص التوظيف وتحسين مستوى الدخل، كما تهدف إلى تطوير البنى التحتية للمدن، وتوفير جميع الخدمات وفق أعلى المستويات العالمية.
تسريع النتائج
وذكر بن سلمان أن ميزانية 2023، تأتي استمراراً لتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، حيث تركز على مرحلة تسريع تحقيق النتائج، إذ نجحت الحكومة في تنفيذ العديد من المبادرات الداعمة والإصلاحات الهيكلية لتمكين التحول الاقتصادي وإشراك القطاع الخاص في رحلة التحول، مشيراً إلى أن مراجعة وتحديث الإستراتيجيات والبرامج والمبادرات والإجراءات تتم بصفة دورية للتأكد من فاعليتها، وتصحيح مسارها كلما دعت الحاجة إلى ذلك.
وأفاد بأن الحكومة بالإضافة إلى مجالات الإنفاق عموماً، تنفذ عدداً من المبادرات الرئيسة التي ستسهم في تعزيز دور القطاع الخاص، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية التي ستساعد على تحقيق طموحات وتطلعات رؤية المملكة 2030، مستندة على مكامن القوة التي حباها الله للمملكة؛ من موقع استراتيجي متميز، وقوة استثمارية رائدة، وعمق عربي وإسلامي.
سلاسل الإمداد
وأشار إلى إطلاق المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية، التي ترسخ دور المملكة بصفتها حلقة وصل رئيسة، تعزز كفاءة سلاسل الإمداد العالمية التي ستسهم في تجاوز التحديات التي تؤثر في كفاءة الاقتصاد العالمي ونموه، منوهاً إلى أن المملكة ستستمر خلال العام المقبل وعلى المديين المتوسط والطويل في زيادة جاذبية اقتصاد المملكة كقاعدة للاستثمارات المحلية والأجنبية، وتنويع الاقتصاد عن طريق تطوير القطاعات الواعدة.
وعرج بن سلمان على الدور المهم والجهود التي بذلتها المملكة في السعي نحو أمنها الغذائي بتوجهها المبكر الذي لاقى نجاحاً وتفوقاً خلال التوترات الجيوسياسية وما رافقها من تبعات وضغوط على الأمن الغذائي في عموم دول العالم، حيث تميزت إستراتيجية الأمن الغذائي في المملكة بتكاملها الذي ظهر واضحاً في استقرار أوضاع الغذاء داخلياً خلال هذه الفترة التي يشهد فيها العالم نقصاً في تدفق الإمدادات الغذائية، نتيجة الظروف الجيوسياسية وتأثيرات تغير المناخ وشح الموارد المائية.
وبيّن أن نجاح الحكومة في التصدي للمخاطر الناجمة على التغيرات الجيوسياسية والحد من آثارها الاقتصادية والاجتماعية يثبت قوة اقتصاد المملكة في مواجهة التحديات الطارئة، لافتاً إلى الدور الريادي للمملكة في استقرار أسواق الطاقة في إطار السعي للإسهام في تعزيز استقرار الاقتصاد العالمي والمحلي ونموه.
800 فرصة بتريليون ريال في الإستراتيجية الوطنية للصناعة
أكد ولي العهد السعودي أن رؤية المملكة 2030 تركز على تبني إصلاحات ضخمة في مختلف المجالات، وأن وجود قطاع صناعي حيوي ومستدام قادر على المنافسة ومعتمد على التصدير يعد ممكّناً لتحقيق مستهدفاتها، لذلك أطلقت الإستراتيجية الوطنية للصناعة التي تهدف إلى تنمية بيئة الأعمال الصناعية، وتنويع قاعدتها، وتعزيز تجارة المملكة الدولية، وتدعيم وصول الصادرات الوطنية إلى الأسواق العالمية، وتنمية وتعزيز الابتكار والمعرفة.
وتوقع أن تحقق الاستراتيجية تأثيراً إيجابياً ضخماً في اقتصاد المملكة، حيث حددت أكثر من 800 فرصة استثمارية بقيمة تريليون ريال، وتعمل على مضاعفة قيمة الصادرات الصناعية لتصل إلى 557 مليار ريال، ووصول مجموعة قيمة الاستثمارات الإضافية في القطاع إلى 1.3 تريليون ريال، وزيادة صادرات المنتجات التقنية المتقدمة بنحو 6 أضعاف، إضافة إلى استحداث عشرات الآلاف من الوظائف النوعية عالية القيمة.