أشادت بعثة خبراء صندوق النقد الدولي، التي زارت الكويت خلال الفترة من 11 إلى 18 ديسمبر الجاري، بدور بنك الكويت المركزي في تمكين النظام المصرفي من اجتياز آثار الصدمات الأخيرة بنجاح، وذلك من خلال بناء الاحتياطيات المصرفية والإشراف الحصيف والرقابة الاستباقية للمخاطر المالية.
وفي بيان أصدره «المركزي»، بمناسبة انتهاء مهمة البعثة، التي تأتي زيارتها للبلاد في إطار المشاورات الدورية التمهيدية لعام 2022، بموجب المادة الرابعة لاتفاقية إنشاء صندوق النقد، أوجز البنك أبرز مضامين البيان الختامي الذي أعدته البعثة، لافتاً إلى أنها أكدت أن «البنوك الكويتية لا تزال تتمتع بمستويات جيدة من الرسملة والسيولة، كما سجلت مؤشرات سلامتها المالية مستويات صحية، ولا يزال النمو الائتماني الموجه للقطاع الخاص قوياً».
وعلى صعيد الأداء الاقتصادي، أكّدت البعثة استمرار التعافي الاقتصادي في الكويت، حيث سمحت الجهود الحكومية القوية في التطعيم والاستجابة السريعة والحاسمة لجائحة كورونا بتخفيف جميع قيود التباعد الاجتماعي ودعم التعافي الاقتصادي، منوهة إلى أن تقديرها تشير إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 1.3 في المئة في عام 2021 مقارنةً بانكماشه 8.9 في خلال 2020.
وتوقعت بعثة «صندوق النقد» أن يرتفع نمو الناتج إلى أكثر من 8 في المئة في 2022، مدعوماً بارتفاع أسعار النفط وكميات إنتاجه، والتحسن المستمر في الطلب المحلي، أما في عام 2023، فترجح أن يتراجع النمو، ما يعكس تباطؤ الطلب الخارجي وتخفيضات إنتاج النفط بموجب اتفاقية «أوبك+». وأشارت إلى أن السلطات الكويتية استطاعت لغاية الآن احتواء التداعيات السلبية المباشرة للحرب الروسية في أوكرانيا نظراً لمحدودية الروابط التجارية والمالية مع كلا البلدين.
وفيما يتعلّق بمعدلات التضخم، أفادت البعثة بأن السلطات الكويتية استطاعت احتواء التضخم، وذلك من خلال الاستفادة من التشديد النقدي، والتمرير المحدود للارتفاعات في الأسعار العالمية للغذاء والطاقة بفضل الدعوم الحكومية والأسعار المدارة. ومع ارتفاع أسعار النفط وكميات إنتاجه، شهد إجمالي الفوائض في الموازنة العامة والحساب الجاري ارتفاعاً كبيراً خلال العام الجاري مقارنةً بالعام الماضي.
أما على صعيد الإصلاحات المالية، فلفتت البعثة إلى مواصلة السلطات الكويتية تنفيذ إجراءات تحسين تحصيل الإيرادات العامة وكفاءة الإنفاق العام، منوهةً إلى الجهود الجارية لتعزيز التحوّل الرقمي، وتطوير التكنولوجيا المالية، والاستثمار في الطاقة الخضراء.
وفي الختام، أكّدت البعثة أن توقعاتها مرهونة بحالة عدم اليقين والمخاطر المحيطة بالبيئة الخارجية، بما في ذلك الآثار المحتملة لتشديد السياسة النقدية في الاقتصادات المتقدمة الرئيسية، والمزيد من التباطؤ في النشاط الاقتصادي العالمي، مشيرة إلى أن تقلّبات أسعار النفط وكميات إنتاجه، نتيجة لعوامل خارجية منها البيئة الجيوسياسية، من شأنها أن تؤثّر على النشاط الاقتصادي والتوازنات الاقتصادية الكلية، وقد يؤدي تأخّر الإصلاحات المالية والهيكلية الرئيسية إلى تزايد مخاطر السياسات المالية المسايرة للدورات الاقتصادية، وإعاقة التقدم نحو المزيد من التنويع الاقتصادي وزيادة القدرة التنافسية.
يُذكر أن بنك الكويت المركزي تولى بالتنسيق مع «صندوق النقد» والجهات المحلية المعنية إنجاز الترتيبات الخاصة بزيارة بعثة الصندوق، بما في ذلك تجميع المعلومات والبيانات وترتيب الاجتماعات مع كبار المسؤولين في الجهات الحكومية وغير الحكومية، لمناقشة الأوضاع الاقتصادية والسياسة المالية والسياسة النقدية ومتانة القطاع المصرفي والمالي.