أفاد بنك الكويت الوطني بأن بيانات ميزان المدفوعات التي أصدرها بنك الكويت المركزي عن فترة الربع الثالث من عام 2022، تشير إلى أن الحساب الجاري يسير على المسار الصحيح لتسجيل أكبر فائض له منذ نحو عقد من الزمان.
ولفت «الوطني» في تقرير له إلى أن ارتفاع أسعار النفط وزيادة الإنتاج، بالإضافة إلى استقرار إيرادات استثمارات الكويت في الخارج، شكلت أبرز العوامل الرئيسية المساهمة في تحقيق الفائض، مبيناً أن المركز الخارجي للكويت تحسن بشكل ملحوظ.
وأوضح التقرير أنه بمجرد نشر بيانات الربع الرابع 2022، والتي من المتوقع أن تكشف عن تسجيل فائض أقل في الحساب الجاري (3.1 مليار دينار) نتيجة لانخفاض عائدات تصدير النفط (انخفضت أسعار النفط وحصص الإنتاج في الربع الرابع من 2022)، يتوقع أن يسجل الحساب الجاري للعام بأكمله أعلى فائض منذ نحو عقد من الزمان، والذي قد يصل إلى 18.1 مليار دينار (33.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للعام 2022)، إلا أنه على المدى المتوسط، من المتوقع أن يتقلص الفائض بسبب انخفاض أسعار النفط وضعف الاقتصاد العالمي.
ولفت إلى أن ميزان المخاطر يميل إلى جانب التطورات السلبية، إذ تزداد المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية والتي تشمل ارتفاع معدلات التضخم، ومواصلة تشديد السياسات النقدية العالمية، وتفشي الجائحة في بعض مدن الصين بعد إغلاقها، إلى جانب المزيد من التداعيات الناجمة عن الأزمة الروسية الأوكرانية، إلا أنه وعلى الرغم من ذلك، سيبقى مركز الكويت الخارجي قوياً بدعم من توافر الاحتياطات المالية الكبيرة لدى صندوق الأجيال القادمة، والتي تقدر بأكثر من 700 مليار دولار.
فائض كبير
ونوه التقرير إلى أن الحساب الجاري سجل فائضاً كبيراً بلغ 15 مليار دينار (37.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي) خلال الأرباع الثلاثة الأولى من 2022، أي أكثر من ضعف الفائض المسجل في الفترة المماثلة من 2021، عازياً ذلك بصفة رئيسية إلى النمو الكبير لعائدات تصدير النفط والإيرادات الاستثمارية، مشيراً إلى أنه الوقت ذاته، سجل الحساب المالي تدفقات كبيرة للخارج (14.5 مليار دينار) نتيجة لارتفاع تدفقات الاستثمار المباشر واستثمارات محفظة الأوراق المالية.
وذكر أن فائض الحساب الجاري في عام 2022 (بمجرد صدور بيانات ميزان المدفوعات عن فترة الربع الرابع من العام) قد يصل لأعلى المستويات المسجلة منذ عام 2014، وصولاً إلى 18.1 مليار دينار (33.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي)، حتى مع تراجع أسعار النفط في الربع الرابع 2022.
الميزان السلعي
وبيّن التقرير أن الميزان السلعي شهد أداءً قوياً خلال الفترة الممتدة ما بين الربعين الأول والثالث من 2022 (17.8 مليار دينار) بدعم من ارتفاع أسعار النفط (ارتفع متوسط سعر خام التصدير الكويتي بـ56.6 في المئة على أساس سنوي إلى 105.2 دولار للبرميل) وزيادة إنتاج النفط (+13.7 في المئة على أساس سنوي إلى 2.7 مليون برميل يومياً)، إذ رفعت الكويت إنتاجها النفطي بوتيرة مطردة تماشياً مع سياسة «أوبك» وحلفائها، كما ارتفعت الصادرات غير النفطية (7.2 في المئة من إجمالي الصادرات) بنحو 48.1 في المئة على أساس سنوي، متجاوزة أخيراً مستويات ما قبل الجائحة عام 2019.
وأضاف «في المقابل، نمت الواردات أيضاً (+4.6 في المئة على أساس سنوي)، وإن كان بدرجة أقل مما كانت عليه في الفترة المماثلة من 2021 (+10.6 في المئة على أساس سنوي)، وذلك نظراً لتلاشى الدعم الذي وفره الطلب المكبوت بعد الجائحة، وفي الوقت نفسه، تضاعف عجز حساب الخدمات ليصل إلى نحو 4.1 مليار دينار، في ظل الإنفاق السياحي خارج الكويت بعد رفع القيود المتعلقة بالجائحة في مايو. كما ارتفعت مدفوعات بند النقل بـ34 في المئة على أساس سنوي، والذي قد يكون مرتبطاً بارتفاع تكاليف الشحن والوقود».
الدخل الأساسي
ولفت «الوطني» إلى استقرار فائض حساب الدخل الأساسي، والذي يشمل بصفة رئيسية تدفقات الدخل من رأس المال والعمالة، لحد كبير خلال الفترة الممتدة ما بين الربعين الأول والثالث من 2022 (+6 في المئة على أساس سنوي إلى 5.6 مليار دينار)، منوهاً إلى ارتفاع دخل الاستثمار من الاستثمارات المباشرة و«الأخرى» بشكل ملحوظ، بنسبة 51.6 و104.4 في المئة على التوالي.
وأفاد بأن هذا الأداء قد يعكس عائدات استثمارات الأوراق المالية وأدوات الدخل الثابت، بعد رفع أسعار الفائدة في أنحاء العالم كافة، موضحاً، من جهة أخرى، أن الاستثمارات الأجنبية في الكويت سجلت أداءً جيداً، إذ ازدادت بأكثر من 3 أضعاف لتصل إلى 0.8 مليار دينار على خلفية تسجيل بورصة الكويت لمكاسب بنسبة 23.3 في المئة، وارتفاع معدلات الودائع عقب رفع بنك الكويت المركزي لسعر الفائدة (+1.5 في المئة بنحو تراكمي خلال الفترة الممتدة ما بين يناير إلى سبتمبر 2022) وتعافي الاقتصاد الكويتي بشكل عام.
وأشار التقرير إلى أن عجز رصيد الدخل الثانوي، الذي يشمل التحويلات الجارية للمقيمين في الكويت وبقية دول العالم، اتسع ليصل إلى 4.3 مليار دينار نتيجة لزيادة تحويلات الوافدين إلى الخارج، وذلك رغم اعتدال معدلات النمو مقارنة بالسنوات السابقة (+2.4 في المئةعلى أساس سنوي)، مبيناً أنه في الوقت ذاته، بقيت التحويلات الحكومية، والتي بلغت 29.2 مليون دينار، منخفضة نسبياً، وذلك لتداعيات الجائحة على الأرجح.
التدفقات الخارجية
وذكر التقرير أن قيمة التدفقات الخارجية للحساب المالي تضاعفت تقريباً خلال الفترة الممتدة ما بين الربعين الأول والثالث من 2022 (14.5 مليار دينار)، حيث عكست الاستثمارات المباشرة المسار الذي اتخذته في 2021، ليصل صافي التدفقات للخارج إلى 4.1 مليار دينار، في حين ارتفعت تدفقات الاستثمارات في محفظة الأوراق المالية في الخارج إلى 12.6 مليار، وتحولت التوجهات نحو أدوات الدين بدلاً من الأوراق المالية، وهو الاتجاه الذي كان سائداً خلال السنوات السابقة.
انخفاض ودائع الحكومة بالخارج
ذكر تقرير «الوطني» أن صافي التدفقات المالية للكويت ضمن بند الاستثمارات الأخرى ارتفع في نهاية الربع الثالث 2022 في ظل انخفاض الودائع الحكومية في الخارج بنحو 1.4 مليار دينار (في الربع الأول من 2022 بصفة رئيسية)، فيما قد يكون مرتبطاً بسداد الكويت لسندات دولية بقيمة 1.1 مليار دينار لأجل 5 سنوات في مارس 2022، كما ارتفعت احتياطات «المركزي» بنحو 0.4 مليار دينار لتصل إلى 14.1 مليار بما يكفي لتغطية نحو 10 أشهر من واردات السلع والخدمات، علماً بأنه خلال الفترة المماثلة من 2021، تراجعت أصول «المركزي» بمقدار 0.6 مليار دينار.