فيما رفع بنك الاحتياطي الفيديرالي الأميركي، أول من أمس أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ ما قبل الأزمة المالية العالمية عند نطاق يتراوح بين 4.5 إلى 4.75 في المئة، حذت البنوك المركزية في السعودية والإمارات والبحرين وسلطنة عمان حذوه ورفعت الفائدة بالنسبة نفسها، في حين خالف بنك قطر المركزي نظيره الأميركي للمرة الأولى وثبّت سعر الفائدة، فيما سبق بنك الكويت المركزي «الفيديرالي» وبقية البنوك المركزية في تسجيل أول رفع للفائدة بمقدار 0.5 في المئة منذ بداية العام 2023.
وجاء قرار «الفيديرالي» الأخير بعد رفع الفائدة 50 نقطة أساس في ديسمبر الماضي، في أعقاب 4 زيادات متتالية بمقدار 75 نقطة، ليصل بذلك سعر الفائدة القياسي إلى أعلى مستوياته منذ عام 2007.
من جهته، أقر البنك المركزي السعودي رفع معدل اتفاقية إعادة الشراء «الريبو» بمقدار 25 نقطة أساس إلى 5.25 في المئة، ورفع معدل اتفاقية إعادة الشراء المعاكس «الريبو العكسي» بمقدار 25 نقطة أساس إلى 4.75 في المئة.
كما قرر بنك الإمارات المركزي رفع سعر الأساس 25 نقطة أساس إلى 4.65 في المئة، مبيناً أنه سيبقي على السعر الخاص باقتراض سيولة قصيرة الأجل لديه، من خلال كل التسهيلات الائتمانية القائمة عند 50 نقطة أساس فوق سعر الأساس.
في الوقت نفسه، رفع بنك البحرين المركزي سعر الفائدة على الودائع لأسبوع، إلى 5.5 في المئة من 5.25 في المئة، كما ارتفع سعر الفائدة على الودائع لليلة واحدة إلى 5.25 في المئة من 5 في المئة، لافتاً إلى أن سعر الفائدة على الودائع لـ4 أسابيع، ارتفع إلى 6.25 في المئة، كما ارتفع سعر الاقراض إلى 6.75 في المئة.
من ناحيته، زاد البنك المركزي العُماني سعر الفائدة على عمليات إعادة الشراء للمصارف المحلية بقدر الزيادة نفسها التي أقرها «الفيديرالي»، وهي 25 نقطة أساس، ليصبح 5.25 في المئة، تماشياً مع السياسة النقدية التي تهدف إلى الحفاظ على نظام سعر الصرف الثابت للريال العُماني، ومع هيكلة وطبيعة الاقتصاد العُماني.
بدوره خالف بنك قطر المركزي الاتجاه بالابقاء على أسعار الفائدة الحالية عند مستوياتها دون تغيير، مبقياً على سعر فوائد الإيداع والإقراض وإعادة الشراء عند 5 و5.5 و5.25 في المئة على التوالي.
وابتعد «المركزي» القطري بذلك عن مسار «الفيديرالي» في رفع أسعار الفائدة، على الرغم من أنه يحذو في العادة حذو «الفيديرالي» نظراً لربط الريال بالدولار، مبيناً أنه يهدف لأن تكون أسعار الفائدة الحالية عند مستويات مناسبة لدعم النمو الاقتصادي، ومضيفاً أنه سيواصل تقييم الأوضاع الاقتصادية والأخذ في الاعتبار الجوانب التي تؤثر على الاستقرار المالي، ومراجعة سياسته النقدية عند الحاجة لمعالجة أي تغيرات في المتطلبات الاقتصادية.
وكان بنك الكويت المركزي قد قرر في 26 يناير الماضي، رفع سعر الخصم بواقع نصف نقطة مئوية، ليصبح 4 في المئة، ليسبق «الفيديرالي» الأميركي وغيره من البنوك المركزية العالمية في رفع الفائدة الأول منذ بداية 2023.
تباطؤ التضخم
وأشارت لجنة السياسة النقدية للاحتياطي الفيديرالي في بيان صدر بعد اجتماعها الأول لهذا العام، إلى أنّ التضخّم تباطأ قليلاً ولكنه لايزال مرتفعاً، لافتة إلى أن المؤشرات الأخيرة تظهر نمواً معتدلاً في الانفاق والإنتاج، ومنوهة إلى أنه في جعبتها زيادات إضافية على الفائدة هذا العام.
وقال رئيس «الفيديرالي» جيروم بأول، إنه هناك حاجة لأن تبقى السياسة النقدية مقيدة لبعض الوقت، وإن مسؤولي البنك سيحتاجون للمزيد من الأدلة بشكل كبير ليكونوا واثقين من أن التضخم في طريقه للانخفاض إلى هدفه البالغ 2 في المئة.
ويأتي ذلك في وقت تشير التقارير الاقتصادية الأخيرة إلى أن ضغوط ارتفاع الأسعار آخذة في الانحسار، بالتوازي مع تباطؤ النمو الاقتصادي، ما يعطي إشارات على أن الاقتصاد الأميركي يتجاوب مع الزيادات الحادة في أسعار الفائدة، بحيث يعمل صانعو السياسة النقدية على ترويض التضخم، إلا أن سوق العمل التي لاتزال ضيقة، يمكن أن تزيد الضغط على «الفيديرالي» لتمديد إجراءات التشديد النقدي أو إبقاء أسعار الفائدة عند مستويات تقييدية لفترة أطول.
وأظهرت بيانات التضخم الأخيرة أن الأسعار تنخفض بشكل أسرع مما توقعه «الفيديرالي»، بحيث ارتفع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي في ديسمبر بمعدل 5 في المئة على أساس سنوي، مسجلاً أبطأ وتيرة ارتفاع منذ عام 2021، إلا أنه مع ذلك، مازال أعلى بكثير من مستهدف البنك البالغ 2 في المئة.
وفي مقابل ذلك، أظهرت بيانات الناتج المحلي الإجمالي الأميركي تباطؤاً في النمو خلال الربع الأخير من العام الماضي، بحيث بلغ 2.9 في المئة على أساس سنوي بعد نمو بمعدل 3.2 في المئة بالربع الثالث.
وفي الوقت ذاته، تظهر البيانات الاقتصادية الحديثة وجود تصدعات في الاقتصاد آخذة في الاتساع، بحيث يتباطأ إنفاق الأسر الأميركية، في وقت يستمر فيه ضعف سوق الإسكان، وتقوم قطاعات اقتصادية مختلفة، بما في ذلك البنوك وشركات التكنولوجيا، بتسريح جماعي لموظفيها، وإعادة النظر في خطط إنفاقها الرأسمالي.