كويت تايمز: يبدو أن دولاً نفطية كثيرة بما فيها دول الخليج، وروسيا، وايران، عليها أن تتعود على سيناريوات جديدة لمستقبل أسعار النفط. فقد أصبحت هذه الأسعار مرتبطة أكثر بتدفق النفط الأميركي الذي بات يثير شهية كبار المشترين الآسيويين، خصوصاً مع التأثير المحدود لاتفاق خفض الإنتاج.
وفيما يمثل انقلاباً نفطياً، تخلت الولايات المتحدة الأميركية دفعة واحدة هذا العام عن استيراد نحو مليوني برميل نفط يومياً من الأسواق. وبعد أن كانت أكبر مستورد للنفط في العالم بنحو 10.1 مليون برميل العام الماضي وفق معلومات إدارة الطاقة الأميركية، تراجعت هذا العام لتكتفي باستيراد 8.15 مليون برميل يومياً، لتصبح ثاني أكبر مستورد في العالم للنفط بعد الصين، التي تصدرت المرتبة الأولى بنحو 9.2 مليون برميل يومياً.
هذا التراجع الكبير في استيراد أميركا للنفط، يقابله دعم كبير لزيادة الإنتاج داخل الولايات المتحدة. وقد استفاد المستثمرون النفطيون الأميركيون كثيراً من اتفاق خفض الإنتاج (دول «أوبك» وخارجها). استفادة تجلت بمزيد من إنتاج «الصخري» وتسربه الى الأسواق الدولية، والآسيوية على وجه التحديد.
ووفق عدد من التقارير العالمية، فإنه بعد مرور نحو 4 أشهر على اتفاق خفض الإنتاج، فإن مستوى تطور الأسعار صعوداً لم يبلغ بعد تطلعات الملتزمين بالاتفاق، بالتزامن مع تسرب لنفط جديد إلى الأسواق من دول أخرى (غير معنية بالاتفاق المذكور) ما يجعل السوق متخماً بالإمدادت.
وفيما تكافح هذه الدول (الموقعة على الاتفاق) من أجل إنعاش استمراره، يسارع المنتجون الأميركيون والبرازيليون أساساً إلى الاستفادة من هذا الاتفاق لرفع القدرة الإنتاجية إلى أقصى حد ممكن، في وقت تشير التوقعات إلى إمكانية تدفق أكثر من مليوني برميل إضافي يومي من بعض دول القارة الأميركية، وهو ما يفوق حجم الخفض المتفق عليه ضمن تسوية «أوبك» وخارجها الحالي.
ويرى محللون أن الإنتاج النفطي الضخم لدول القارة الأميركية، يمهد لانقلاب في خارطة كبار منتجي النفط والبنزين والغاز، كما أنه قد يغيّر أولويات إمدادت الطاقة وجهات تصديرها في القريب العاجل، مستشهدين في هذا الإطار بالإعلان المقبل من واشنطن، والذي أكد أن الصين باتت وللمرة الأولى أكبر مشترٍ للنفط الأميركي.
وتعتبر بعض التقارير الدولية أن مستقبل التطورات النفطية ينذر بكثير من التغيرات المفاجئة، لعلّ أبرزها الزيادة السريعة والتي فاقت توقعات لجهة إنتاج «الصخري» الأميركي.
وكانت وكالة الطاقة الدولية رجحت في 2015 أن يزيد انتاج النفط الأميركي إلى نحو 10.6 مليون برميل يومياً بحلول عام 2020، إلا أن هذا الهدف قد يتحقق قبل ذلك بكثير وفق موقع «فيول فيكس» الاقتصاد الأميركي.
بدورها، رجحت بيانات صادرة عن موقع «ماركيت ليست» أن يضيف المنتجون الأميركيون نحو 700 ألف برميل جديد بحلول نهاية العام الحالي، ليتخطى بذلك إجمالي إنتاج الولايات المتحدة إلى 9.5 مليون برميل بنهاية العام.
وإذا استمرت وتيرة الإنتاج الحالية فقد يتخطى الانتاج الأميركي عتبة العشرة ملايين بمنتصف العام المقبل. وبذلك قد يكون الهدف الأميركي المعلن منذ 5 سنوات للوصول الى 10 ملايين برميل يومي بحلول 2020 قد تحقق قبل أوانه، مستفيداً من عوامل عدة، أبرزها خفض إنتاج «أوبك» الذي حسّن مستوى الأسعار، فضلا المخاوف الجيوسياسية في الشرق الأوسط، والتي تؤثر على حسابات المضاربين والمراهنين على «الذهب الأسود».
التحوّل النفطي ألمحت إليه تحليلات «فوربس» وموقع مركز أبحاث النفط «أويل برايس»، اللذين توقعا أن يتسارع إنتاج النفط الصخري الأميركي، ما قد يدفع إلى تذبذب هامش أسعار النفط ونزوله إلى 40 دولاراً.
استيعاب مثل هذا السيناريو يفرض على الدول المنتجة تسريع خطط تنويع إيراداتها بشكل أسرع من ذي قبل من أجل استباق ما يمكن تسميته بـ «انقلاب» في خارطة الإنتاج والامدادات النفطية في المستقبل القريب.