كويت تايمز: يبدو أن توقعات أسعار النفط ذاهبة نحو احتمالية أن تبقى الأسعار بمستوى 50 دولاراً للبرميل أو أعلى من ذلك بشكل طفيف، إلا أن ذلك لا يعني عدم وجود مخاطر حقيقية قد يتعرض لها سوق النفط على مستوى العرض.
وبحسب تقرير لموقع «oilprice.com»، فإنه من الممكن حدوث خلل غير متوقع في أي لحظة، كما حدث ذلك في الماضي، وهو خلل من شأنه أن يؤدي إلى قفزة مفاجئة وحادة في الأسعار.
ولفت التقرير إلى أن التوتر الجيوسياسي غير ذي صلة إلى حد كبير منذ انهيار أسعار النفط في عام 2014، ولكنه يعود الآن لاسيما مع ظهور تصدعات في بعض الدول الرئيسية المنتجة للنفط، وسيحمل تهديد القطع مزيداً من الثقل في الوقت الذي يتوتر فيه سوق النفط.
وعدد التقرير 5 دول نفطية بارزة تعاني من وضع نفطي هش، وهي إيران والعراق وليبيا ونيجيريا وفنزويلا، حيث تواصل هذه الدول تعرضها لحدوث خلل محتمل بالنسبة للعرض، في ظل ما تشهده من تحديات قد تتسبب بحدوث مفاجآت في السوق النفطي من دون إشعار مسبق.
وأشار التقرير إلى أن أكبر مخاطر الإمداد على المدى القريب تأتي من العراق، حيث أدى الاستيلاء المفاجئ لحقول كركوك النفطية من قبل الحكومة العراقية إلى تعطيل بعض شحنات النفط، وقد بقي تعطل كل من حقلي النفط «باي حسن» و«آفانا» حتى 19 أكتوبر، ما عطل إنتاج ما يقارب الـ 275 ألف برميل.
ويتوقع أن تكون هذه الانقطاعات موقتة، في الوقت الذي أكد فيه مصدر مسؤول لوكالة «رويترز» الأسبوع الماضي وجود مساع نحو الحصول على معدات معينة لتشغيل الحقول مرة أخرى.
وبحسب وكالة «بلومبيرغ»، فقد أكّد وكيل في ميناء «جيهان» التركي الذي يعتبر وجهة صادرات النفط الشمالية في العراق، أن الانخفاض في تدفقات النفط بلغ 196 ألف برميل اعتباراً من 19 أكتوبر، ما يعني انقطاع نحو 400 ألف برميل يومياً.
وأضاف التقرير «يمثل العراق أكبر تهديد واضح في المنظور القريب للإمداد العالمي، ولكن لأن الجزء الأكبر من إنتاج البلاد يقع في الجنوب، بعيداً عن الاضطرابات، فإن الانقطاع المحتمل من الممكن أن يبلغ 600 ألف برميل يومياً، وربما يكون موقتاً».
من جانب آخر، أوضح التقرير أن الوضع النفطي بالنسبة لإيران يثير علامات استفهام كثيرة، رغم أنها في حالة أقوى بكثير من أقرانها الأكثر هشاشة، وتنبع المخاطر بالنسبة لإيران نظراً لما تمثله تأثيرات عودة العقوبات الأميركية عليها مجدداً.
وحتى وقتنا الراهن، من غير الواضح ما إذا كانت الولايات المتحدة لديها القدرة على الحد من صادرات النفط الإيرانية.
وتوقّعت «غولدمان ساكس» أنه نسبياً على أسوأ الأحوال، في حال حدوث سيناريو عودة العقوبات الأميركية، فإن بضع مئات من آلاف البراميل من صادرات النفط ستكون في خطر، ليس أكثر من 1 مليون برميل يومياً من الصادرات المتعثرة بسبب العقوبات قبل الاتفاق النووي.
وفي ضوء ذلك، فإن الانقطاع المحتمل يبقى افتراضية يجب أن تؤخذ على محمل الجد، لافتاً إلى أن إيران من المحتمل ألا تشكل خطراً على العرض في السوق، على الأقل ليس خلال هذا العام.
من جهة أخرى، نجد أن ليبيا التي تم إعفاؤها من اتفاق منظمة «أوبك» بخصوص خفض الإنتاج، مثلت خلال جزء كبير من العام الماضي مخاطر سلبية على أسعار النفط، إذ يرجع ذلك إلى تضاعف إنتاجها من 3 أضعاف تقريباً، وذلك من 300 ألف برميل يومياً في أغسطس 2016 إلى نحو 850 ألفاً حالياً، أي أقل قليلاً من الذروة الأخيرة التي تجاوزت 1 مليون برميل يومياً.
ولفت التقرير إلى أن الضرر الذي لحق ببعض محطات التصدير قد يعني أن الإنتاج في المدى القريب يبلغ نحو 1.25 مليون برميل يومياً، ما يعني أن ليبيا لن تتمكن من إعادة الإنتاج إلى مستويات ما قبل الحرب التي تبلغ 1.6 مليون برميل يومياً.
ولكن نظراً لأن الإنتاج الحالي أصبح الآن أمراً مفروغاً منه وهو بالفعل في حسابات التسعير العالمية، فإن ليبيا تمثل الآن خطراً على الإمداد بالسوق لأن الانقطاع واقعي تماماً بسبب عدم الاستقرار المستمر. ورغم أن ليبيا تقترب من سقف الإنتاج، لكن هناك مجالاً واسعاً لتراجعه.وبالنسبة لنيجيريا، أوضح التقرير أن وضعها يشابه ليبيا، فهي أيضاً تم إعفاؤها من الخفض بسبب العنف وعدم الاستقرار في البلاد، الأمر الذي انعكس سلباً على الإنتاج، لكن عودة ليبيا إلى الإنتاج تزامنت مع انخفاض مماثل في العنف في دلتا النيجر. وقد جلب وقف إطلاق النار في نيجيريا بعض الهدوء خلال فترات كبيرة في العام الماضي، ما سمح لانتعاش الإنتاج من نقطة منخفضة من 1.2 مليون في العام الماضي، مرتفعاً إلى ما يصل إلى 1.8 مليون يومياً.
ومن المحتمل أن تكون إمكانية تحقيق مكاسب إضافية في الإنتاج محدودة، لأكثر من سبب ليس أقلها أن البلاد وعدت بوضع حد للإنتاج عند بلوغه 1.8 مليون برميل يومياً، وفي الوقت نفسه، لا يزال السلام في دلتا النيجر هشاً، وتفيد التقارير بأن المسلحين قد أحبطوا مع وتيرة المحادثات مع الحكومة، الأمر الذي يثير المخاوف في شأن العودة إلى العنف، وبالتالي لا يمكن ضمان انتعاش الإنتاج النيجيري.
من ناحية ثانية، أشار التقرير إلى أن الانهيار المتزايد في فنزويلا يكفل بشكل كبير انخفاض إنتاج النفط في البلاد، وربما بوتيرة سريعة.
وفي سبتمبر أنتجت فنزويلا 1.89 مليون برميل يومياً فقط، منخفضة من 3.2 مليون برميل يومياً في أواخر التسعينات، ولكنها انخفضت أيضاً من 2.4 مليون برميل يومياً تقريباً في عام 2015.
ووسط غياب النقد، أوضح التقرير أن شركة PDVSA المملوكة للدولة لا تستطيع الاستثمار في الإنتاج الجديد ولا يمكن حتى الاستثمار في الصيانة للحفاظ على الإنتاج الحالي من السقوط، وقد ظهرت تقارير تشير إلى أنه حتى النفط الذي يتم إنتاجه يعاني من انخفاض الجودة، في الوقت الذي لا تملك شركة PDVSA وسائل للمعالجة بشكل صحيح بالنسبة للخام الثقيل.
والأسوأ من ذلك أنه مع وجود مدفوعات ضخمة للديون مستحقة في الأسابيع القليلة المقبلة، فإن العجز عن سداد الديون ممكن، وكل ذلك يزيد من تدهور إنتاج النفط في البلاد.