توقَّعت شركة «إي إف جي هيرميس» في تقرير صدر عنها حديثاً أن تحافظ الكويت على مكانتها كواحدة من أكثر الاقتصادات استقراراً – إن لم تكن أقواها – في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بفضل المركز المالي القوي الذي يمكّن حكومتها من مواصلة التوسع في إنفاقاتها الرأسمالية، حتى في ظل انخفاض أسعار النفط، وهذا المركز هو الأقوى خليجياً.
ومع ذلك، رجّح التقرير أن يكون النمو موجهاً بصورة أكبر نحو الاستهلاك الذي يشهد تعافياً جيداً. أما بالنسبة للاستثمار، فتوقع أن يتباطأ مقارنة بالأعوام القليلة الماضية، بسبب التأخير في عدد من المشاريع الرئيسية، ومن المرجح أيضاً أن تؤثر عودة التوترات بين مجلس الأمة والحكومة بشكل طفيف في الثقة وتؤجل تنفيذ الإصلاحات المالية.
في غضون ذلك، توقع التقرير أن تحافظ الكويت على نظرتها المستقبلية المستقرة للنمو. وقد شهد استهلاك القطاع الخاص انتعاشاً في عام 2017، ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه، مدعوماً بانخفاض التضخم والنمو الحقيقي في الأجور. إلى جانب هذا، فإن عدم تطبيق ضريبة القيمة المضافة حتى نهاية العام سيعزز النمو الاستهلاكي إضافة إلى الضرائب الأخرى وإن بدرجة أقل. ومن المرجح أن يستمر الاستثمار في دفع عجلة النمو، وإن كان بوتيرة أبطأ من العامين الماضيين، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى التأخيرات والمراجعات لبعض المشاريع الحكومية. وقد انخفضت ترسيات المشاريع بنسبة %41 على أساس سنوي في الأشهر العشرة الأولى من العام الماضي، مقارنة مع الفترة ذاتها من 2016، بعد انخفاض بنسبة %35 في عام 2016.
ومن بين المشاريع المتأخرة المرحلة الثانية من مشروع شمال الزور المستقل لتوليد الطاقة وتحلية المياه والمقدرة تكلفته بنحو 2.5 مليار دولار، مما اعتبر ضربة قاسية لترسيات العقود هذا العام. وكان من المفترض أن يتم سحب المشروع بسبب الانحرافات التقنية والقانونية. وتعتزم هيئة مشروعات الشراكة الآن دمج مشروعي شمال الزور 2 و3 في مشروع واحد، وقد حدَّد يوم الأول من ابريل المقبل لتنفيذ هذا الإجراء.
ومع ذلك، فقد أرسيت بعض المشاريع المهمة الأخرى، بما في ذلك مطار الكويت الجديد، إضافة إلى مجموعة من مشروعات محطات توليد الكهرباء ومشاريع النفط والغاز. وتهدف هذه المشاريع إلى ضمان نظرة مستقبلية مستقرة لنمو الائتمان المصرفي بين %4 و%6.
مركز مالي قوي
قال التقرير إن الكويت استطاعت الحفاظ على أقوى مركز مالي بين دول التعاون، في حين يعزز ارتفاع أسعار النفط من الوضع المالي القوي. في هذا الصدد، تعد نقطة التعادل المالية لسعر النفط لأغراض الميزانية في الكويت الأدنى خليجياً في 2018 إذ تبلغ 58 دولارًا. وقد تضَّخم الرقم في2018/2017، نظراً لانخفاض سقف الإنتاج النفطي ضمن إطار اتفاقية أوبك. وتوقع التقرير أن يتحول الميزان المالي للدولة إلى فوائض ابتداءً من عام 2019.
من جانبها، وضعت الحكومة مبادرات لخفض التكاليف، الأمر الذي أدى إلى وفورات خلال العامين الماضيين بقيمة 10 مليارات دولار. ومع ذلك، من المتوقع أن تواجه الحكومة احتياجات تمويلية كبيرة على مدى السنوات القليلة المقبلة، نظرًا لاعتمادها تعريفاً أضيق للأرصدة المالية، وهو ما يستبعد %10 من الإيرادات وتحويلها لحساب صندوق الأجيال القادمة إضافة إلى استثناء دخل الاستثمارات. ووفقاً لهذا التطبيق، فمن المقرر أن تسجل الخزينة عجزًا من خانتين في فترة السنتين أو الثلاث المقبلة.
الأوضاع السياسية
وأضاف: عادت المخاطر السياسية إلى الواجهة في الكويت مع تجدد التوترات بين مجلس الأمة والحكومة، مما أدى إلى أول استقالة للحكومة في غضون سنوات قليلة، ورافق هذه الأوضاع تصاعد التوترات الإقليمية.
ورغم أن الاقتصاد أصبح بمرور السنين محصناً نسبياً من هذه التوترات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، فإنها حتى الآن ترمي بثقلها على نحو طفيف على مشاعر الثقة والأمزجة.