قال تقرير لبنك الكويت الوطني ان الاقتصاد العالمي سجل بداية قوية في 2018، لكن المخاطر مستمرة، واضاف:
استهل الاقتصاد العالمي العام الجديد مسجلاً أداءً قوياً، حيث شهدت العديد من الاقتصادات الضخمة تحسناً في النشاط خلال الأشهر الماضية. إذ من المفترض أن يشهد الاقتصاد الأميركي المزيد من الانتعاش على إثر خفض الضرائب. واستمر الاقتصاد في منطقة اليورو بتسجيل نشاط قوي، مع ارتفاع البيانات الاقتصادية فوق التوقعات. وشهد الاقتصاد الياباني أيضاً تطورات جيدة، بينما تراوح أداء الاقتصاد الصيني والاقتصادات الناشئة الأخرى بين الثبات والتحسن. وفي ظل هذه الأوضاع، استمرت أسواق الأسهم بالتحسن، مع ارتفاع المؤشرات إلى مستويات جديدة. في الوقت نفسه، حافظ التضخم على ركوده في جميع القطاعات، الأمر الذي قد يساهم في التخفيف من وتيرة سياسة الاعتدال المالي في الاقتصادات المتقدمة.
من المتوقع أن يتلقى الاقتصاد الأميركي المزيد من الدعم من خفض الضرائب. إذ من المقدر أن يبلغ الانتعاش ما يقارب 1.5 تريليون دولار على مدى عشر سنوات، وقد ينتعش نمو الاقتصاد بنسبة 0.3 إلى 0.5 نقطة مئوية في عامي 2018 و2019. ويأتي ذلك في ظل قوة نمو الاقتصاد الأميركي كما هو واضح في العديد من المؤشرات الرئيسية أهمها مؤشر طلبات السلع الاستثمارية ومؤشر ISM اللذان يُظهران ارتفاع الاستثمار وقوة التفاؤل. وواصل سوق العمل تشديده، حيث سجل متوسط فترة الأشهر الثلاثة لعدد الرواتب غير الزراعية أعلى مستوى له في عام 2017 عند 204 الاف نقطة، وذلك على الرغم من ارتفاعه بواقع 148 ألف نقطة في ديسمبر أي ما دون التوقعات، حيث جاء ذلك بعد تسجيله لنشاط قوي لشهرين متتاليين.
ومن المحتمل أن تساهم أجندة الرئيس الأميركي ترامب في إنعاش الاقتصاد الأميركي في عام 2018، والتي من ضمنها التقليل من الضوابط والعمل على البنية التحتية. إذ من المتوقع أن تظهر المزيد من السياسات الاقتصادية التي تساهم في إنعاش الأوضاع المالية هذا العام بعد نجاح تمرير قانون الإصلاح الضريبي مؤخراً، حيث من المتوقع أن يكون الإنفاق على البنية التحتية المخطط له سهل التطبيق مقارنة بالخطط والمقترحات السابقة، بالأخص إذا استطاع الرئيس التعاون مع الحزب الديموقراطي. ومن المحتمل أن يساهم تطبيقه في إنعاش النمو الاقتصادي.
ولكن لا تزال المخاطر السياسية قائمة، رغم تراجعها قليلاً بعد تمرير قانون الإصلاح الضريبي مؤخراً. فقد واجهت الرئاسة الأميركية تحديات كبيرة لتمرير خطتها عبر مجلس النواب في العام الماضي. والجدير بالذكر أن مرور القانون تلك المرة ربما قد كان استثنائياً ولا يعني بالضرورة سهولة تمرير قوانين أخرى. وما زالت الأسواق تترقب مخصصات الإنفاق للسنة المالية 2018 وسقف الدين الحكومي بعد تأجيل ذلك من قبل مجلس النواب الشهر الماضي بقانون مؤقت. ومن المتوقع أن يتم الوصول لاتفاقية بشأن قانون الميزانية لتفادي توقف الحكومة في يناير إضافة إلى مسائل أخرى عالقة كالهجرة والرعاية الصحية.
وأنهى الاقتصاد في منطقة اليورو عام 2017 مسجلاً أداءً قوياً كان غير متوقع خلال العام. فقد استمر مؤشر مديري المشتريات في الارتفاع إلى 58.1 في ديسمبر، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ ما يقارب سبع سنوات. وجاءت قوة النشاط في كل المنطقة، حيث جاءت قوة بيانات الدول الأساسية مؤخراً مصحوبة بتحسن في بعض الاقتصادات الثانوية كإيطاليا والبرتغال. وقد تحسنت ثقة الاقتصاد والأعمال مع بلوغ بعض المؤشرات مستويات قياسية. وتراجعت البطالة إلى أقل مستوياتها منذ ما يقارب تسع سنوات عند %8.7. وجاءت مبيعات التجزئة في المنطقة قوية خلال شهر ديسمبر.
ولم تخل منطقة اليورو من التحديات السياسية، إذ ظلت المخاطر قائمة رغم تراجعها بشكل ملحوظ عما كانت عليه في الفترة ذاتها من العام الماضي. فمن أبرز أحداث عام 2017 أن منطقة اليورو قد استطاعت التصدي للمخاطر السياسية الماثلة أمامها في بداية العام، حيث استطاعت مواجهة ارتفاع شعبية اليمين المتطرف، إلا أنها لم تتمكن من هزيمته. إذ من المقرر أن يتم تشكيل الحكومة الألمانية بعد تقدم حزب اليمين المتطرف فيها، وما زال استقلال كاتالونيا في أسبانيا أمراً عالقاً، مما قد يزيد من القلق والتساؤلات، كما قد تزداد هذه التحديات مع بدء الانتخابات الإيطالية المزمع إقامتها في مارس.
وبالرغم من قوة النشاط الاقتصادي، فإن تضخم الأسعار في الاقتصادات المتقدمة استمر في الركود. في حين فاجأ التضخم الأساس في أميركا بتحسنه إلى %1.8 في ديسمبر إلا أنه من المبكر الجزم بأن التحسن سيستمر في الأشهر القادمة. ومن المحتمل، وليس من المؤكد حتى الآن، أن تساهم الزيادة الشهرية في متوسط الرواتب التي بلغت %0.3 خلال ديسمبر في تسارع تضخم الرواتب والأجور، حيث لا يزال نموها في حالة ضعف عند %2.5 على أساس سنوي. كما يشهد التضخم في منطقة اليورو أيضاً تدنياً، مع تراجع التضخم الأساس إلى %0.9 خلال شهر ديسمبر.
وقد يفرض تدني التضخم بعض الضغوط على سياسة الاعتدال المالي في حال استمراره في عام 2018. ولم يمنع تدني التضخم منذ منتصف عام 2017 من قيام مجلس الاحتياط الفدرالي برفع الفائدة على الأموال الفدرالية ثلاث مرات في 2017 رغم وجود بعض الشكوك. ولكن استمرار تدني التضخم قد يزيد من صعوبة ذلك. إذ يتوقع مجلس الاحتياط حالياً رفع الفائدة ثلاث إلى أربع مرات في 2018، غير أن الأسواق متفائلة برفع الفائدة مرتين إلى ثلاث مرات فقط. وينطبق ذلك على منطقة اليورو بشكل أكبر نظراً لتعافيها مؤخراً وتدني التضخم فيها.
وواصلت أسعار النفط ارتفاعها منذ بداية العام الجديد، حيث استمرت بالانتعاش بنسبة %50 منذ منتصف العام الماضي. فقد ارتفع مزيج برنت مؤخراً إلى 68 دولاراً للبرميل، مرتفعاً من تراجعه الذي شهده في يونيو 2017 عند ما يقارب 45 دولاراً للبرميل. وقد استفادت الأسعار بشكل كبير من اتفاقية أوبك لخفض الإنتاج، التي عملت على خفض الإنتاج من قبل أربع عشرة دولة من الأعضاء وعشر دول من غير الأعضاء، والتي تم تمديدها حتى نهاية عام 2018. ولكن على الرغم من الارتفاعات الحالية إلا أنه من المحتمل أن تواجه الأسعار ضغوطاً نحو التراجع في 2018 على إثر اعتدال نمو الطلب العالمي على النفط لا سيما في النصف الأول من العام ونتيجة ارتفاع نمو الإنتاج من خارج أوبك بقيادة النفط الضخري الأميركي.
شاهد أيضاً
ما هي إشارات التداول ومن المستفيد منها؟ خبراء أكسيا يجيبون
إن إشارات التداول تعد من الأساسيات التي تساعد المتداول على تحقيقأهداف خطته الاستثمارية والتمتع بتجربة …