«الوطني»: موازنة سعودية لتحفيز القطاعات غير النفطية

أصدر بنك الكويت الوطني تقريراً عن موازنة السعودية لعام 2018، وقال إنها ثاني موازنة توسعية على التوالي والأكبر في تاريخها، حيث حددت من خلالها ارتفاع الإنفاق بنسبة %5.6 في العام القادم وصولاً إلى 978 مليار ريال سعودي (260 مليار دولار)، وتوقعت ارتفاع الإيرادات بنسبة %12.5 وصولاً إلى 783 مليار ريال (208 مليارات دولار).
ووفقاً لتلك التوقعات، تخطط الحكومة لتُسجل عجزاً في الموازنة العامة لعام 2018، وإن كان بمعدل أقل من السابق بنسبة %7.3 من الناتج المحلي الإجمالي (195 مليار ريال). ويمثل هذا الوضع تحسناً طفيفاً عن مستوى العجز المسجل في عام 2017 البالغة نسبته %8.9 من الناتج المحلي الإجمالي، والذي يعد قريباً من توقعاتنا البالغة %7.3 من الناتج المحلي الإجمالي.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الموازنة التوسعية ستضاف إليها أيضاً 133 مليار ريال (35 مليار دولار) من صندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني. ويبدو أن توقعات الإيرادات تستند إلى سعر 59 دولاراً للبرميل (خام برنت)، وذلك مع ضيق نطاق نمو الإنتاج النفطي نظراً لالتزام السعودية بتمديد اتفاقية خفض الإنتاج حتى نهاية 2018.
وبالنظر إلى موازنة 2018 من حيث كونها بياناً للنوايا، فإنها تبعث برسالة شديدة القوة. فلا تقتصر فقط على أنها أكبر موازنة في تاريخ البلاد، حيث تتخطى قيمتها أكثر من تريليون ريال سعودي إذا تم تضمين نفقات صندوق الاستثمارات العام وصندوق التنمية الوطني، بل تهدف أيضاً إلى إرسال إشارة قوية إلى الجهات الاقتصادية الفاعلة داخل وخارج المملكة على حد سواء بخصوص جدية الحكومة في دعم الاقتصاد، وخاصة القطاع غير النفطي، والسعي لتحقيق أهداف رؤية السعودية 2030.
وقد فطنت السلطات إلى ضرورة إبطاء وتيرة التقشف المالي حتى لا تعرض الانتعاش الاقتصادي للخطر. تتوافر للمملكة مساحة لتبني موقفا ماليا توسعيا ويسعها العمل على إبطاء وتيرة التقشف، وذلك مع بلوغ حجم الودائع الحكومية لدى مؤسسة النقد العربي السعودي 655 مليار ريال (175 مليار دولار) وقيمة أصول الاحتياطيات الأجنبية إلى 493 مليار دولار في أكتوبر 2017، فضلا عن البرنامج النشط لإصدار السندات والصكوك المحلية والدولية. وهذا في الواقع ما حدده صندوق النقد الدولي في مشاوراته مع السلطات.
وستعمل موازنة عام 2018 على التخفيف من بعض آثار إدخال ضريبة القيمة المضافة وإلغاء الدعوم الواقع على الإنفاق التقديري. وفي ذات الوقت، تهدف السلطات إلى زيادة الإنفاق الرأسمالي وتحفيز القطاع الخاص (من خلال 16 مبادرة موجهة للقطاع العقاري والصناعي والتصدير بقيمة 72 مليار ريال أو 19.2 مليار دولار في عام 2018) ويُشكل تعزيز فرص العمل في القطاع الخاص هدفاً رئيسياً على المدى المتوسط.

النفقات والإيرادات
تخطت النفقات الفعلية في 2017 المخطط له في الموازنة بنسبة %4 و%12 أعلى من عام 2016، حيث بلغت 926 مليار ريال (246 مليار دولار)، وانخفض الإنفاق الرأسمالي بنسبة %2 على أساس سنوي إلى أدنى مستوى له كنسبة من إجمالي النفقات (%19) منذ عام 2006، بعد أن قامت الحكومة بترشيد مشاريع البنية التحتية وتحسين الكفاءة. وجاءت الإيرادات الفعلية في عام 2017 أعلى هامشياً من الموازنة وتخطت مستويات موازنة عام 2016 بنسبة %34، حيث بلغت 696 مليار ريال سعودي (185 مليار دولار)، كما سجلت الإيرادات غير النفطية ارتفاعاً شديداً بلغت نسبته %38 على أساس سنوي لتصل إلى 256 مليار ريال (68 مليار دولار) نتيجة للزيادة في إيرادات الاستثمار والضرائب والرسوم، مثل ضرائب السلع الانتقائية ورسوم المرافقين للعمالة الوافدة. وارتفعت الإيرادات النفطية بنسبة %32 في عام 2017 بعد ارتفاع أسعار تصدير النفط بنسبة %27.

تعافي القطاع غير النفطي
يقدر النمو الحقيقي في عام 2017 بنسبة %-0.5 على أساس سنوي (مقابل توقعات بنك الكويت الوطني أن يبلغ %-1.3 على أساس سنوي)، مع تراجع الناتج المحلي الإجمالي النفطي بنسبة %3.1 على أساس سنوي (مقابل توقعات بنك الكويت الوطني البالغة %-3.7 على أساس سنوي) وارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة %1.5 على أساس سنوي (مقابل توقعات بنك الكويت الوطني البالغة %0.5 على أساس سنوي). وفي عام 2018، تتوقع السلطات أن ينمو الاقتصاد بنسبة %2.7 على خلفية نمو القطاع غير النفطي الذي يتوقع له أن يصل إلى %3.7.

أسعار المستهلك
من المتوقع أن يصل التضخم إلى %-0.1 في عام 2017 (مقابل توقعات بنك الكويت الوطني البالغة %-0.2) و%5.7 في عام 2018 (مقابل توقعات بنك الكويت الوطني البالغة %2.9)، بعد فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة %5 وجولة أخرى من رفع أسعار الطاقة، والتي تم الإعلان عنها مؤخراً.