قالت وكالة التصنيف الائتماني العالمية «فيتش» ان المركز المالي القوى للكويت، الذي يقلل من الضغط على اتخاذ إجراءات، بالإضافة إلى المعارضة البرلمانية، يؤديان إلى جعل الإصلاح المالي في البلاد أبطأ من أي دولة في مجلس التعاون الخليجي. ويعد الاستجواب البرلماني والاقتراحات المتعلقة بحجب الثقة ضد الوزراء أمراً شائعاً في الكويت، وأدى إلى استقالة الحكومة في أكتوبر 2017. ولا تعتقد الوكالة أن التعديل الوزاري، الذي أعقب ذلك، سيعجّل بالإصلاح، كما لا تتوقع تطبيق ضريبة القيمة المضافة أو الضريبة الانتقائية هذه السنة.
يرى تقرير {فيتش} أن الإصلاح حتى الآن غائب إلى حد كبير عن نظام الدعوم. ورغم ارتفاع أسعار البترول في أكتوبر 2016، فإنها ظلت الأدنى في الكويت مقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي، بينما استهلك ارتفاع أسعار النفط الفائدة المالية المباشرة. ومع أن رفع أسعار الخدمات التدريجي بدأ تنفيذه في العام الماضي، فإن الأسعار لا تزال منخفضة، ولم تؤثر بشكل مباشر في معظم الأسر الكويتية.
وقالت وكالة التصنيف الائتماني العالمية «فيتش» إن تقديرات الميزانية الأخيرة في الكويت ومشروع الموازنة المقترح للحكومة يشيران إلى استمرار القوة المالية والخارجية للبلاد، وهو ما ينعكس في تصنيفها السيادي (AA/ نظرة مستقبلية مستقرة). ومع ذلك، فإن بطء الإصلاح المالي وقلة التنويع الاقتصادي يزيدان من المخاطر الطويلة الأمد على الماليات العامة للكويت.
وأضافت أنها رفعت تقديراتها للفوائض المالية التي ستسجلها الكويت في السنة المالية 2018 (تنتهي في 31 مارس 2018) إلى 1.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، من أصل 0.2 في المئة سابقاً. ومن بين توقعات الوكالة ارتفاع تنفيذ الإنفاق بشكل كبير في الربع الأخير من السنة المالية، وهي الفترة التي تشهد عادةً الكثير من الإنفاق. وتأخذ «فيتش» في الاعتبار الإيرادات التقديرية للاستثمار للهيئة العامة للاستثمار والبالغة حوالي 13 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي غير مدرجة في بيانات الأشهر التسعة.
من جانب آخر، أشارت الوكالة إلى أن ارتفاع أسعار النفط هو دافع رئيسي للنتائج المالية، إذ افترضت ميزانية السنة المالية 2018 أن سعر النفط 45 دولاراً للبرميل، إلا أن سعر مزيج الصادرات الكويتية بلغ 51.7 دولارا للبرميل في السنة المالية حتى الآن. ويسلط الفائض المتوقع من «فيتش» الضوء على حقيقة أن الكويت، عند حوالي 50 دولاراً للبرميل، لديها أدنى سعر تعادل مالي لخام برنت في دول مجلس التعاون الخليجي، كما أن لديها أكبر احتياطيات مالية عامة وخارجية مع وصول صافي الأصول الأجنبية السيادية المقدرة إلى نحو 500 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
ولا تزال التوقعات المالية للوكالة تشير إلى أن الكويت بحاجة إلى ما يقرب من 19 مليار دولار في السنة المالية 2018، نظراً إلى أن الحكومة لا تستطيع إنفاق معظم إيرادات الاستثمار للهيئة العامة للاستثمار، ويشترط القانون تحويل 10 في المئة من إيراداتها (أو حوالي 4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي) إلى احتياطي صندوق الأجيال القادمة. وإذا وافق البرلمان الكويتي – كما تتوقع «فيتش» – على قانون الديون الجديد، الذي يرفع سقف الاقتراض السيادي إلى 25 مليار دينار كويتي (83 مليار دولار أميركي)، فإن جزءاً كبيراً من ذلك يمكن أن يتحقق من خلال زيادة إصدار السندات المحلية والدولية.
وتقترح موازنة السنة المالية 2019، التي أقرّها مجلس الوزراء هذا الأسبوع، تخصيص مبلغ إجمالي قدره 20 مليار دينار كويتي (من 19.9 مليار دينار في السنة المالية 2018) مع زيادة مخصصات دعوم الطاقة والاستثمار، لكنها قيدت الإنفاق في أماكن أخرى. ومع ذلك، وعلى الرغم من احتمال عدم تنفيذ الإنفاق الرأسمالي على الأرجح، فإن الإنفاق المفرط يشكل خطراً، لأن ارتفاع أسعار النفط يزيد من تكاليف الدعم، وقد يكون الحد من التوظيف في القطاع العام والأجور صعباً سياسياً.
في غضون ذلك، كانت الوكالة قد أشارت في شهر أكتوبر الماضي عند تثبيت تصنيف الكويت السيادي إلى أن دولة الرفاه السخية والدور الاقتصادي الكبير للقطاع العام يمثلان تحديات طويلة الأجل للمالية العامة. وبحسب تقديراتها، فإن فاتورة أجور القطاع العام وحدها يمكن أن تنمو بنسبة 6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات الخمس المقبلة إذا استمر اتجاه استيعاب القوى العاملة الجديدة في القطاع العام.