أكد التقرير النقدي الأسبوعي لبنك الكويت الوطني تراجع المخاوف حول الحرب التجارية، وقال: أقرّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوما جمركية جديدة على واردات الفولاذ والألمنيوم، فيما سمح لحلفاء أميركا بالتقدم بطلبات استثناء. ويتوقع أن يبدأ تنفيذ الضريبة على واردات الفولاذ البالغة %25 والألمنيوم البالغة %10 في غضون أسبوعين. وبالرغم من احتمال استثناء بعض الدول، فيمكن لهذه الرسوم أن تشعل حربا تجارية من الدول غير المستثناة. وبالفعل، هددت مفوضة التجارة الأوروبية سيسيليا مالمستروم بالرد خلال 90 يوما ما لم يتم استثناء الاتحاد الأوروبي، في حين دعا المنتجون الصينيون بكين لوضع ضريبة مماثلة على الفحم الأميركي.
وفي حين رحّب منتجو الفولاذ والألمنيوم بالرسوم بشكل واسع، كانت هذه الرسوم موضع انتقاد من مجموعة أوسع من القطاعات الصناعية ومجموعات قطاع الأعمال التي تستخدم الفولاذ. وبحسب دراسة أصدرها مجلس العلاقات الخارجية، فإن ارتفاع أسعار الفولاذ الناتج عن الرسوم قد يؤدي إلى انخفاض نسبته %4 في مبيعات السيارات وخسارة 45000 وظيفة في قطاع السيارات. وحتى أعضاء في حزب الجمهوريين انتقدوا القرار خوفا من أن يقوّض فوائد الإصلاح الضريبي الذي صدر السنة الماضية. وقال أورين هاتش الرئيس الجمهوري للجنة المالية في مجلس الشيوخ إنه «ببساطة، هذا رفع للضريبة على المصنّعين والعمال والمستهلكين الأميركيين».
وفي أنباء أخرى، أصدرت أميركا تقريرا متباينا للوظائف يوم الجمعة الماضي، ارتفع فيه نمو الوظائف في فبراير مسجلا أكبر ارتفاع في أكثر من سنة، ولكن تباطؤاً في ارتفاع الأجور أشار إلى ارتفاع تدريجي فقط في التضخم من بداية السنة حتى الآن.
وأضاف تقرير «الوطني»: قالت وزارة العمل إن الوظائف غير الزراعية قفزت بمقدار 313 ألف وظيفة الشهر الماضي، بدعم من أكبر ارتفاع في وظائف الإنشاءات منذ 2007. وكان ارتفاع الوظائف هو الأكبر منذ يوليو 2016، وبلغ ثلاثة أضعاف عدد الوظائف التي يحتاج أن يخلقها الاقتصاد شهريا ليلحق بالنمو في عدد الموظفين في سنّ العمل، وهو 100 ألف وظيفة.
ولكن معدل دخل الساعة تراجع من %0.3 في يناير إلى %0.1 في فبراير، ليصل إلى 26.75 دولاراً، مما نتج عنه خفض الارتفاع في دخل الساعة من سنة الى أخرى من %2.8 في يناير إلى %2.6. ويمكن لتباطؤ نمو الأجور أن يخفّض التوقعات بأن مجلس الاحتياطي الفدرالي سيزيد رفع أسعار الفائدة من ثلاث مرات إلى أربع مرات هذه السنة.
وفي الإجمال، تستفيد سوق العمل من الطلب المحلي القوي، ومن التحسّن في النمو العالمي، وكذلك من الثقة القوية في قطاع الأعمال، بعد خفض إدارة ترامب لضريبة الدخل البالغة 1.5 تريليون دولار، التي بدأ العمل بها في يناير. وما زال بإمكان تقييد سوق العمل أن يؤدي إلى نمو أسرع في الأجور هذه السنة، ويدفع بالتضخم نحو النسبة التي يستهدفها المجلس الفدرالي، والبالغة %2.
وبالنظر إلى الدولار الأميركي الأسبوع الماضي، فقد تمحورت تحركاته حول تطورات الرسوم المقترحة. وقد أدت المخاوف من حرب تجارية، ومن عمل الدول الأخرى بالمثل، إلى تراجع الدولار أكثر في منتصف الأسبوع، قبل أن يعاود الارتفاع، بعد أن ذكر الرئيس ترامب احتمال استثناء حلفاء أميركا. ولكن هذا الارتفاع كان قصير الأجل، بسبب نمو الأجور المخيّب للآمال، الذي أظهر أنه لا زال هناك متسع لنمو التضخم الأميركي. وبدأ الدولار الأسبوع عند 89.834 وأنهاه عند 90.093.
وشهد اليورو بعض التقلب الأسبوع الماضي، وارتفع يوم الثلاثاء الماضي، بعد أن كان يظنّ أن الرسوم الأميركية هي مجرد «عرض سياسي»، وبعد تقارير بأن المفوضية الأوروبية تخطط لترد بضريبة على أميركا، إذا تمت الموافقة على الرسوم. وارتفع اليورو بعد ذلك مقابل الدولار يوم الخميس، بعد أن أزال البنك المركزي الأوروبي التحيّز في التسهيل من بيان سياسته النقدية. ولكن البيانات الحمائمية، التي أصدرها رئيس البنك، ماريو دراغي، بعد ذلك حول إزالة التحيّز جعلت اليورو ينخفض إلى المستويات السابقة. وبدأ اليورو الأسبوع الماضي مقابل الدولار عند 1.2322 وأنهاه عند 1.2305.
وفشل الجنيه الإسترليني في استعادة خسائر الأسبوع الماضي، بعد أن أخذت مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي منحى صعباً. وإضافة الى ذلك، فإن بيانات التصنيع المخيبة للآمال يوم الجمعة، أشارت إلى أن اقتصاد بريطانيا يبقى في مسار بطيء قبيل خروج بريطانيا من الاتحاد. ولكن الجنيه تمكن من إنهاء الأسبوع مقابل الدولار عند 1.3847 بعد تقرير الوظائف الأميركي المتباين.
وتراجع الين الياباني أمام الدولار الأميركي الأسبوع الماضي، مع تراجع العزوف عن المخاطر بعد تطورات الأسبوع. وقد وافق الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الاجتماع مع رئيس كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، لمناقشة نزع السلاح النووي من نظام كوريا الشمالية، فيما تعلّق التجارب النووية والصاروخية في هذه الأثناء. وبالإضافة الى ذلك، ولارتياح الأسواق، خفف ترامب أيضا من موقفه بشأن رسوم الفولاذ والألمنيوم، باحتمال استثناء المكسيك وكندا وغيرهما من حلفاء أميركا. وأدى الإحساس بالمخاطر إلى ارتفاع الدولار مقابل الين من بداية الأسبوع من 105.68 إلى نهايته عند 106.77.
وفي مجال السلع، بلغت المعادن الصناعية أدنى مستوى لها في عدة أشهر بسبب المخاوف من تصاعد التوترات التجارية بعد أن أعلنت أميركا عن رسوم على واردات الفولاذ والألمنيوم. ومن ناحية أخرى تمكنت أسعار النفط من الارتفاع بسبب ارتفاع الأسهم الأميركية. ولقيت أسعار النفط أيضا دعما بعد عدم التمكن من إعادة فتح حقل النفط الليبي الفيل البالغ إنتاجه 70000 برميل يوميا كما كان مخططا بعد أن أغلقته الميليشيات المحلية في فبراير. وأنهى خام برنت الإسنادي الأسبوع عند 65.49.
أوروبا والمملكة المتحدة
أبقى البنك المركزي الأوروبي سياساته النقدية على حالها في اجتماع 8 مارس الماضي فيما أشار أيضا إلى تحرك باتجاه إنهاء إجراءات تحفيز مرحلة الأزمة. وبتحديد أكثر، لم يذكر البنك تعهده المعتاد برفع برنامج شراء الأصول إذا ما أصبح التوقع غير مجد أو لا يتماشى مع استمرار التقدم في التضخم. ويشير هذا الحذف إلى ثقة البنك بأن الاقتصاد الأوروبي قد تقدّم بما يكفي ليتمكن النمو في المنطقة من الاستمرار من دون الدعم النقدي الكبير من البنك. وفي حين أن برنامج شراء الأصول البالغ حاليا 30 مليار يورو شهريا سينتهي العمل به في نهاية السنة، كرّر البنك مع ذلك استعداده لتمديده إذا دعت الحاجة.
ولكن التضخم يبقى السبب الرئيس الذي يمنع البنك المركزي الأوروبي من التخلّي عن تحفيزه، وقال في بيانه إن «إجراءات التضخم الكامن تبقى منخفضة وما زال عليها أن تبدي إشارات مقنعة إلى مسار ارتفاع مستدام». وبذلك، يتوقع البنك أن يبلغ التضخم %1.4 هذه السنة، ولكنه خفض توقعه للتضخم في 2019 بعد المراجعة من %1.5 إلى %1.4، وما زال يتوقع أن يبلغ %1.7 في 2020.