هناك أمر غير عادي يحدث في أسعار المنازل في لندن، فهي تتراجع بأعلى معدل لها منذ الأزمة المالية.
اذ أظهر مسح أجرته شركة البيانات «أكاداتا» أن أسعار المنازل في لندن تتراجع بوتيرة هي الأسرع منذ الركود الأخير الذي شهدته المملكة المتحدة خلال الأزمة المالية العالمية.
وأظهر التقرير أن أسعار المنازل في العاصمة انخفضت الى متوسط 593396 جنيها استرلينيا في يناير، أي ما يعادل انخفاضا سنويا بنسبة %2.6. وهذا يمثل أكبر انخفاض منذ أغسطس 2009 عندما كانت بريطانيا في عمق الأزمة المالية.
ويتماشى تقرير «أكاداتا» مع مؤشرات أسعار المنازل الرئيسية الأخرى مثل مؤشر «آر آي سي اس ونيشنوايد»، والتي تشير جميعها الى الانخفاض المستمر في الأسعار في مناطق العاصمة.
وكان أداء منطقة واندسوورث جنوب غرب لندن الأسوأ. اذ انخفضت الأسعار هناك بنسبة %2.5 على أساس شهري أو بنسبة %14.9 مقارنة مع يناير 2017. وانخفضت الأسعار في ساوث وارك بنسبة %12.2 على أساس سنوي.
لكن بعض المناطق شهدت نمواً سنويا قوياً في الأسعار في تقرير أكاداتا، مع ارتفاع الأسعار في منطقة برينت الشمالية بنسبة %8.5.
على مدى عقدين من الزمان، تميزت السوق بنمو قوي. اذ ارتفع متوسط أسعار المنازل ما يقرب من %500 من 98 ألف جنيه استرليني في يناير 1998 الى 485 ألف جنيه في يناير 2018، مقارنة بمتوسط 227 ألف جنيه استرليني في المملكة المتحدة:
فما سبب التباطؤ الحالي؟ الاجابة في مزيج من البيانات الاقتصادية المنخفضة وعدم اليقين بشأن بريكست والأسعار المتضخمة:
1 – مشاكل الرهن العقاري
صرح لوسيان كوك لـ «بيزنس انسايدر» قائلاً «هناك أمران سيشكلان بشكل أساسي سوق المملكة المتحدة على مدار السنوات العشر المقبلة: تنظيم الرهن العقاري وأسعار الفائدة».
في عام 2014، طرح بنك انكلترا قواعد لضمان أن تقدم البنوك %15 فقط من الرهونات في دفاترها التي تتجاوز 4.5 أضعاف مرتب المقترض. وهو ما يصعب الأمر كثيراً بالنسبة إلى المشترين في لندن، حيث تعد الفجوة في القدرة على تحمل التكاليف بين المرتبات وأسعار المنازل أكبر. وكما يقول مكتب الاحصاءات الوطني فإن سبعاً من أصل 10 سلطات محلية تعد الأقل قدرة على تحمل التكاليف موجودة في العاصمة.
واضاف كوك «تم تصميم نظام الرهن العقاري بحيث لا يحمل الناس أنفسهم تكاليف تفوق قدراتهم. لكن ما يفعله هو الحد من المبلغ الذي يمكن أن يقترضه الناس مقابل دخلهم، وهو ما يبقي على الودائع مرتفعة بالنسبة إلى المشترين لأول مرة وإلى مشتري المنازل بشكل عام».
2 – عدم اليقين بشأن «بريكست»
تعتبر مشاكل الرهن العقاري، بالاضافة الى حال عدم اليقين بشأن «بريكست»، مزيجاً سيئاً لأسعار المنازل في العاصمة. ويبدو أن الشعور السلبي حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يردع الناس عن الشراء، مما يؤدي بدوره الى تضرر الطلب وخفض أحجام الصفقات، وهو ما يعني عدد المنازل التي يتم شراؤها وبيعها.
وقال لورنس باولز المحلل في شركة سافيلز للأبحاث «سوق الاسكان في لندن كانت تشهد صعوداً في الأسعار في مواجهة حدود تنظيم الرهن العقاري والقدرة على تحمل التكاليف لبعض الوقت. لكن التصويت بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي شكل نقطة تحول أدت الى تباطؤ نمو الأسعار».
ويضيف «لا بد أن يؤدي اليقين الاقتصادي والسياسي الكبير الى العودة الى النمو في عام 2020، على الرغم من أن قيود الاقتراض ستحد منه ذلك أن الزيادات التدريجية في تكلفة ديون الرهن العقاري تؤثر على القدرة على تحمل التكاليف».
3 – أسعار متضخمة في الجزء الفاخر من السوق
يتركز انخفاض الأسعار في أغلى المناطق في لندن، حيث يعد العقار الذي يبلغ سعره 1 مليون جنيه استرليني صفقة رابحة. وتراجعت الـمناطق الـ 11 الأولى من أصل 33 منطقة في لندن بمعدل %7 سنوياً، وفقاً لما ذكرته أكاداتا.
ولا تزال كنسينغتون وتشلسي أغلى منطقتين، حيث يبلغ متوسط الأسعار 1805000 جنيه استرليني، لكن الأسعار انخفضت بشدة هناك بنسبة %12.9 خلال العام الماضي، أكثر من 200 ألف جنيه استرليني. وتراجعت الأسعار في كامدن بنسبة %10.8، ومدينة لندن بنسبة %18.2، وفي واندسوورث بنسبة %12.7.
بيد أن انخفاض الأسعار كان أقل حدة في سوق المنازل الأرخص. اذ شهدت المناطق الـ11 الأرخص انخفاضاً معتدلاً بنسبة %1.3 على مدار العام، وفقًا لما ذكرته أكاداتا.
انتعاش في 2020
يتوقع الوكلاء العقاريون أن تنخفض الأسعار في لندن الكبرى بنسبة %1.5 خلال عام 2017 ثم تنخفض بنسبة %2 أخرى في عام 2018، قبل الاستقرار في عام 2019 والعودة الى النمو في عام 2020.