قال تقرير لبنك الكويت الوطني إن معظم أسواق الأسهم الخليجية تفوقت بأدائها على الأسواق العالمية خلال الربع الأول من عام 2018، بينما سجلت الأسواق المتقدمة أول تراجع لها على أساس ربع سنوي منذ عامين. وقد تأقلمت الثقة العالمية للمستثمرين مع التطبيع في السياسات النقدية والتطورات الجيوسياسية التي طرأت في الأشهر الأخيرة. لكن من المتوقع أن تسجل الأسواق نمواً إيجابياً بوتيرة معتدلة خلال عام 2018، وذلك على إثر توقعات بقوة النمو العالمي والأوضاع المالية الميسرة.
وعادت التقلبات إلى الأسواق العالمية في الربع الأول من عام 2018 بعد الهدوء غير المعتاد الذي شهدته في عام 2017. حيث ظهرت هذه التقلبات في البداية نتيجة مؤشرات على تغير التوقعات التضخمية العالمية نحو الارتفاع في إطار اقتصاد عالمي منتعش، الأمر الذي قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة بصورة أسرع وبمعدل أعلى من التوقعات. وإضافة إلى ذلك فإن المخاوف التي أثارها رحيل عدد من كبار موظفي الإدارة الأميركية والسياسة الحمائية للتجارة الأميركية أدت إلى بقاء الأسواق في حالة متحفظة منذ ذلك الحين.
مخاوف التجارة والسياسات النقدية
وأضاف التقرير: سجلت الأسهم العالمية أولى خسائرها على أساس ربع سنوي وذلك منذ عامين، فقد تراجع مؤشر مورغان ستانلي العالمي بواقع %2.3 في الربع الأول من عام 2018 نتيجة التراجع الذي شهدته الأسواق المتقدمة. وتراجع مؤشرا «ستاندرد آند بورز» و«داو جونز الصناعي» بواقع %1.2 و%2.5 على أساس ربع سنوي وذلك على التوالي. كما تراجع مؤشر «يورو ستوكس 600» الذي يشمل جميع الأسواق الأوروبية بواقع %4.7. بالمقابل، سجلت الأسواق الناشئة أداءً أفضل، حيث ارتفع مؤشر مورغان ستانلي لأسواق المال الناشئة بواقع %0.4 بدعم من قوة الاقتصاد، بينما سجّل مؤشر مورغان ستانلي للأسهم الخليجية أداءً استثنائياً، بزيادة بلغت %7 على أساس ربع سنوي.
وتأثرت الأسهم الأميركية بالتغيرات التي طرأت على التوقعات حول التضخم ومبادرات الرئيس ترامب حول السياسة التجارية. ففي البداية، ارتفعت كفّة الترجيحات حول رفع مجلس الاحتياط الفدرالي للفائدة على إثر احتمال تبنّيه سياسة نقدية أكثر تشدداً نتيجة ارتفاع التضخم وضيق سوق العمل، لكن تفاجأت الأسواق بالإعلان عن الرسوم الأميركية الجديدة للتجارة الخارجية وتصاعد حدة الخطاب بهذا الشأن. حيث تقلبت الأسواق الأميركية في أواخر الربع في ظل محاولتها تخمين مدى حدّة السياسات الجديدة، التي لطالما أفضت إلى نهاية أفضل من التوقعات المسبقة بشأنها.
وفي أوروبا، انخفضت الثقة نتيجة قوة اليورو والخوف من التصعيد التجاري ومدى تأثيرهما عل الشركات المستفيدة من التصدير. وقد انعكس تباطؤ النمو في تراجع مؤشر مديري المشتريات ومؤشرات الثقة والتساؤلات بشأن الأوضاع السياسة الأوروبية في زيادة التحفظات من قبل المستثمرين خلال الربع.
بالمقابل، سجلت الأسواق الناشئة أداءً أفضل، مستفيدة من ضعف الدولار وقوة النمو الاقتصادي، غير أنها أيضاً تأثرت كغيرها بالمخاوف التي أثارها النزاع التجاري. وبالرغم من ذلك، لا تزال هذه الأسواق جاذبة للمستثمرين بصورة جيدة، إذ تشير توقعات معهد التمويل الدولي إلى ارتفاع الاستثمار الأجنبي في الأسهم الناشئة إلى 495 مليار دولار في عام 2018 مقارنة بـ444 مليار دولار في 2017 وذلك بدعم من تسارع نمو الاستثمارات الحافظة.
الأسهم الخليجية
وواكبت الأسهم الخليجية أداء الأسهم العالمية خلال معظم الربع الأول من عام 2018، إلا أن بعضها اتخذ منحى أفضل بعد إعادة التصنيفات من قبل مزودي مؤشرات الأسواق المالية وارتفاع أسعار النفط. إذ احتلت الأسهم السعودية الصدارة من حيث أدائها في أعقاب رفع تصنيف السوق السعودية من قبل «فوتسي» لمؤشر الأسواق الناشئة، مسجلةً ارتفاعاً بلغ %8.9 على أساس ربع سنوي بدعم من قوة جذب الاستثمار الأجنبي. كما ساهم إعلان خطة الانضمام التدريجي لبورصة الكويت إلى مصاف الأسواق الناشئة من قبل «فوتسي» والإفصاح عن قائمة الأسهم المؤهلة في ارتفاع مؤشر السوق بواقع %3.6 على أساس ربع سنوي. وجاء أداء سوق أبوظبي المالية جيداً (بالارتفاع %4.3 على أساس ربع سنوي) بدعم من قوة الإيرادات النفطية بينما لم تسجل بورصة قطر تغييراً ملحوظاً، ولكن من المتوقع أن تزداد جاذبيتها للمستثمرين بعد رفع سقف التملك الأجنبي في عدد من أهم المؤسسات القطرية. وجاءت سوق دبي في المرتبة الأخيرة بتراجع بلغ %7.8 نتيجة ركود طفيف في الاقتصاد وضعف نشاط سوق العقار.
ومن المتوقع أن يزداد اهتمام المستثمرين بالأسواق الخليجية بشكل كبير بعد ترقية بعض أسواقها. إذ من المتوقع أن تشكل السوق السعودية %2.7 من وزن مؤشر «فوتسي» للأسواق الناشئة حينما يتم ضمها في مارس 2019، أو %4.6 في حال احتساب الاكتتاب العام لشركة أرامكو، مما سيرفع التدفقات الساكنة للسوق المبدئية بنحو 5 مليارات دولار. كما من الممكن أن تسهم ترقية السوق السعودية إلى مؤشر مورغان ستانلي للأسواق الناشئة في يونيو المقبل في إضافة 10 مليارات دولار في الصناديق الساكنة، مع توقعات بارتفاع إجمالي التدفقات إلى السوق (من ضمنها المتحركة) إلى 30 مليار دولار خلال السنوات المقبلة. وسيتم تقسيم انضمام بورصة الكويت لمؤشر «فوتسي» إلى مرحلتين، في سبتمبر وديسمبر من عام 2018 وسيكون وزنها في المؤشر عند %0.4. ومن المحتمل أن يسهم ذلك في إدخال 800 مليون دولار من التدفقات الساكنة.
وبدأت بورصة الكويت في أبريل تنفيذ خطتها الهيكلية الجديدة التي تتضمن فترة سماح تمتد سنة أمام الشركات المدرجة للامتثال بالمعايير والقوانين الجديدة. ومن المتوقع أن تسهم هذه التطويرات في إنعاش السيولة وجاذبية السوق لا سيما للاستثمار الأجنبي. ومن المفترض أن توفر هذه التغيرات، بما فيها انضمام البورصة لمؤشر «فوتسي»، زخماً في السوق وذلك لما يتمتع به اقتصاد الكويت من متانة.
ومن المتوقع أن تتلقى الأسهم العالمية دعماً من قوة النمو العالمي والأوضاع المالية الميسرة، وأن يبلغ النمو العالمي %3.9 في عام 2018 بينما يتوقع أن تبقى أسعار الفائدة العالمية متدنية (على الرغم من ارتفاعها في الفترة الأخيرة)، مما سيوفر بيئة اقتصادية متينة للأسواق. ولكن لا يزال هنالك بعض المخاطر، كاحتمال تباطؤ النمو العالمي رغم بلوغه مستوى جيد حالياً، واحتمالية تصاعد حدة النزاع التجاري العالمي، إضافة إلى امكان ارتفاع حدة التطبيع في السياسات النقدية الذي قد يخلّف أثراً سلبياً في الأسواق.