الأزمة الإيطالية تعصف بمصارف أوروبا

1-520

تتواصل الأزمة السياسية في إيطاليا بعد الفشل في توافق بين الأحزاب لتشكيل حكومة جديدة، وسط مخاوف من صعود الأحزاب الشعبوية، مما يمثل خطورة على مستقبل منطقة اليورو ككل.
وبعد سنوات من التعافي البطيء من الأزمات السابقة، تحاول البنوك الأوروبية التركيز على دعم الأرباح وتقليص القروض المتعثرة، ولكن الاضطرابات السياسية في إيطاليا قد أعادت القلق حيال منطقة اليورو إلى دائرة الضوء، كما أظهرت مدى هشاشة المنظومة المصرفية في الكتلة الموحدة.
ووفقاً لتقرير نشرته «وول ستريت جورنال»، فإن التقلبات السياسية في إيطاليا وأسبانيا شكلت ضغوطاً تركزت بشكل أكبر على البنوك الأوروبية، التي يراها المحللون أكثر المتضررين من الأزمة في روما.
وانخفض مؤشر «ستوكس يوروب 600» القياسي بنسبة %5 خلال الأسبوع الجاري، في أعقاب عرقلة الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا لخطوة تشكيل حكومة شعبوية، كما أن الانتخابات المقبلة في أسبانيا ربما تطيح بالحزب «اليميني ــــ الوسطي»، الذي تفضله الأسواق والمستثمرون من السلطة.
ويتعرض القطاع المصرفي الأوروبي بوجه عام لتهديدات قوية حال تواصلها، ومن الممكن أن تؤجل قرارات رفع معدلات الفائدة في عدد من الاقتصادات الأوروبية، الأمر الذي سيقيد أرباح البنوك.
ويمكن أيضاً لعدم اليقين السياسي الإضرار بالإصلاحات التي تنفذها البنوك الإيطالية التي تعرضت أسهمها لمبيعات مكثفة مؤخراً، وبالتالي، يمكن أن تؤجل خططها بشأن إعادة الهيكلة وتقليص القروض المعدومة.

ثقة المستثمرين تتضرر
وأثرت الثقة السلبية لدى المستثمرين في القطاع المصرفي الإيطالي أيضا على البنوك الفرنسية والإسبانية التي تمتلك جزءا من الديون الحكومية الإيطالية.
وفي البرتغال (التي تمتلك هي الأخرى جزءا لا بأس به من الديون الحكومية الإيطالية) انخفض سهم أكبر البنوك في البلاد «بانكو كومرسيال بورتجيز» بنسبة %12 هذا الأسبوع.
ويأتي عدم الاستقرار في بورصات الأسهم الأوروبية مؤخرا نتيجة تضرر ثقة المستثمرين في القطاع المصرفي الذي لا يزال يحاول التعافي من أزمة الديون الأخيرة التي عصفت بمنطقة اليورو.
وتحاول البنوك الأوروبية تقليص قروضها المعدومة – المقدرة بـ813 مليار يورو(حوالي 938.3 مليار دولار) ويوجد جزء كبير منها لدى بنوك إيطالية.
وكلما زاد عدم اليقين إزاء إيطاليا، تضرر اقتصادها الأمر الذي ينعكس بالطبع على قطاعها المصرفي كما أن التقلبات السياسية تذكر المستثمرين بأن البنوك الأوروبية لن تحقق أرباحا كبيرة في وقت قريب.
وكان مستثمرون توقعوا سابقا أن يتسبب التعافي الاقتصادي وإصلاحات القطاع المصرفي في منطقة اليورو في دفع البنك المركزي الأوروبي لرفع معدل الفائدة، ومن ثم ترتفع أرباح بنوك دول العملة الموحدة إلى 120 مليار يورو هذا العام، وطرحت تساؤلات مؤخرا: «هل هذه التوقعات واقعية الآن؟.. ربما لا».
ومنذ أشهر قليلة، كان التفاؤل حيال الاقتصاد الإيطالي قويا حيث كانت أسهم بنوك روما الأفضل أداء بين أسهم البنوك الأخرى في منطقة اليورو، حيث كانت التقلبات السياسية ضعيفة وسط تفاؤل المستثمرين إزاء تقليص الديون المعدومة لدى البنوك من 350 مليار يورو إلى 285 مليار يورو في عام.
وفي إيطاليا، باءت محاولات أحزاب تشكيل حكومة ائتلافية الأحد الماضي بالفشل، ورغم ذلك، توصلت إلى اتفاق شمل عددا من الإجراءات التي تخص القطاع المصرفي.
وشملت الإجراءات المقترحة سن تشريع يسمح للبنوك الإيطالية بتعويض ديونها من مقترضي التجزئة دون الحاجة للجوء إلى القضاء، وهو الأمر الذي من شأنه إبطاء جهود خفض القروض المعدومة.
وأيضا، تم اقتراح التأميم الكامل لـ»بنكا مونتي دي باشي دي سيينا» الذي تمتلك فيه الحكومة حصة حاكمة بعد تأميمه جزئيا العام الماضي.
ورغم انهيار محاولات تشكيل الحكومة الائتلافية وإجراءاتها المقترحة المشار إليها سلفا، فإن هناك مخاوف من عودتهم إلى المشهد حال عقد انتخابات مبكرة، ولا تزال المحادثات في روما مستمرة لمحاولة التغلب على الأزمة.
وأثارت هذه الإجراءات المقترحة التساؤلات بشأن مستقبل منطقة اليورو، حيث زادت تكهنات بأن تكون الانتخابات المحتمل عقدها بمنزلة استفتاء على صعود الأحزاب الشعبوية ومستقبل إيطاليا في منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي. وركزت الأزمة أيضا على مدى حاجة القطاع المصرفي الأوروبي إلى الإصلاحات الهيكلية وتحقيق الوحدة والترابط داخل التكتل الموحد.
ويأتي ذلك وسط رفض من جانب ألمانيا ودول أخرى لتدشين برنامج تأمين ودائع واسع النطاق داخل الاتحاد الأوروبي، حيث إن البنوك في برلين لم تتضرر كثيراً من أزمة الديون.
وخلال أزمة الديون، تعرضت القطاعات المصرفية في عدد من الدول لمخاطر الديون السيادية. وفي الوقت الحالي، تمتلك عشرة بنوك إيطالية ديونا حكومية خاصة بروما يزيد حجمها على ما تمتلكه من رؤوس أموال.
وبعد البنوك الإيطالية، تعد المصارف الفرنسية الأكثر عرضة للمخاطر المحيطة بالديون الحكومية الإيطالية، حيث تستحوذ بنوك باريس على ديون إيطالية بقيمة 44.27 مليار يورو تليها أسبانيا بنحو 28 مليار يورو.
ورغم كل ذلك، فقد قلل محللون من احتمالية وقوع أزمة كبيرة أخرى في منطقة اليورو، لا سيما أن الاقتصاد في منطقة اليورو يشهد نموا، ولا يزال البنك المركزي الأوروبي ملتزما بإجراءات التيسير الكمي (شراء سندات حكومية وخاصة).

«موديز» تحذّر
وضعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني 12 من كبريات المصارف في إيطاليا وعددا من الشركات الرئيسية في هذا البلد تحت مجهر المراقبة، للنظر في ما اذا كانت هناك ضرورة لخفض تصنيفاتها الائتمانية بسب الازمة السياسية التي تعصف بروما.
وتأتي هذه الخطوة غداة اعلان الوكالة نفسها انها وضعت تحت المجهر التصنيف الائتماني للديون السيادية الايطالية، مما يعني امكانية خفض هذا التصنيف من مستواه الحالي وهو «بي أيه أيه 2».
ومن أبرز المصارف التي طالها هذا الاجراء «انتسا سانباولو» و«يونيكريدي» و«ميديوبانكا»، في حين ان كبريات الشركات المشمولة بمراجعة التصنيف هي المجموعة النفطية العملاقة «ايني» وشركة البريد «بوست إيطالياني» وشبكة التلفزيون العمومية «راي» وشركتا الغاز «سنام» و«إيطالغاز».
وإيطاليا التي تعتبر ثالث أكبر اقتصاد في أوروبا غارقة في أزمة سياسية منذ الانتخابات العامة التي جرت في 4 مارس ولم يحقق فيها أي طرف فوزا صريحا يمكنه من تسلم دفة الحكم.
وتتجه إيطاليا لاجراء انتخابات جديدة خلال اشهر بعد دخول البلاد في أزمة سياسية اثر فشل محاولة حزبين شعبويين تشكيل ائتلاف حكومي.
ونجمت الازمة عن رفض رئيس الجمهورية سيرجو ماتاريلا تعيين المعارض للاتحاد الأوروبي باولو سافونا وزيرا للاقتصاد في الائتلاف الحكومي الذي شكّله حزب «الرابطة» اليميني المتطرف وحركة «خمس نجوم» المناهضة للمؤسسات التقليدية.

استطلاعان
أظهر استطلاعان للرأي أن ما بين 60 و72 في المئة من الإيطاليين يريدون أن تظل بلادهم جزءا من منطقة اليورو، بينما يفضل ما بين 23 و24 في المئة التخلي عن العملة الموحدة.
وأجرت مؤسستا يورو ميديا وبيبولي الاستطلاعين لمصلحة برنامج «بورتا أبورتا» الذي تبثه قناة راي التلفزيونية.
وأصبح اليورو جزءا من الجدل السياسي قبل انتخابات مبكرة متوقعة في وقت لاحق هذا العام أو في أوائل 2019.
وأظهر استطلاع بيبولي أن 72 في المئة يريدون البقاء في منطقة اليورو، وأن 23 في المئة يريدون الانسحاب، بينما لم يحسم خمسة في المئة أمرهم.
في حين أظهر استطلاع يورو ميديا أن 60 في المئة يريدون البقاء، بينما يود 24 في المئة الانفصال، ولم يحسم 16 في المئة أمرهم. (ميلانو – أرقام، أ ف ب)

سوروس يطلق حملة لإجراء استفتاء ثان بشأن «بريكست»

قال تقرير إخباري بريطاني إن الملياردير الأميركي جورج سوروس أطلق حملة من أجل إجراء استفتاء ثان في بريطانيا بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وأشار إلى تبرّع الملياردير بـ500 ألف جنيه إسترليني إلى منصة «الأفضل من أجل بريطانيا»، بهدف إبقاء بريطانيا داخل الاتحاد.
وقال التقرير إن «الأفضل من أجل بريطانيا» ستطلق حملة في 8 يونيو القادم من أجل إجراء استفتاء ثان على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست).
من جهته، قال سوروس، خلال كلمة ألقاها في لجنة العلاقات الخارجية الأوروبية في العاصمة الفرنسية باريس، إن «بريكست» عملية مضرة للغاية لكلا الطرفين.
واعتبر أن عملية الانفصال من الاتحاد الأوروبي قد تستغرق أكثر من 5 أعوام، وهذه الفترة تمثل اللانهاية في السياسة، لاسيما في مثل هذه «الأوقات الثورية».
ولفت إلى أن الشعب البريطاني هو من سيقرر مصيره، وأن «من الأفضل أن يقرر ذلك في أقرب وقت ممكن، وهذا هدف مبادرة الأفضل من أجل بريطانيا، أنا أدعمهم».

شاهد أيضاً

ما هي إشارات التداول ومن المستفيد منها؟ خبراء أكسيا يجيبون

إن إشارات التداول تعد من الأساسيات التي تساعد المتداول على تحقيقأهداف خطته الاستثمارية والتمتع بتجربة …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.