التباطؤ الذي يشهده الاقتصاد السعودي الذي يعتمد على البترول منذ انخفاض أسعار النفط الخام في عام 2014 انعكس على قطاع العقارات، لا سيما أن الاقتصاد لم يحقق بعد تنوعاً كبيراً.
يقول مازن السديري رئيس قسم الأبحاث في شركة الراجحي كابيتال الذراع المصرفية الاستثمارية لأكبر بنك اسلامي في المملكة: «لقد تأثرت اسعار الأصول، بما في ذلك العقارات وسوق الأوراق المالية، منذ انخفاض أسعار النفط».
وقد شهدت المدن الرئيسية تراجعاً في التقييمات ومعدلات الإيجار في مختلف العقارات السكنية والتجارية.
تُظهر الأبحاث التي تجريها شركة «جي ال ال» ان الايجارات وأسعار البيع العقارللفلل والشقق في العاصمة الرياض تنخفض بنسبة %3 على أساس سنوي، وهي مستمرة في انحدارها منذ انهيار أسعار النفط في عام 2014.
وفي ميناء جدة على البحر الأحمر، انخفضت صفقات تأجير المكاتب التي أبرمت في الربع الثاني بنسبة %9 على أساس سنوي، وفقاً لما ذكرته الشركة الاستشارية. وتتوقع شركة جي ال ال مزيدا من الانخفاضات خلال العام المقبل.
كما أن هناك قوانين جديدة تخيم على السوق، مثل فرض رسوم على العمال المغتربين وأفراد عائلاتهم المحلقين بهم في يوليو، مما قد يشجع على رحيل الكثيرين.
ويقول السديري: «اللوائح الجديدة المتعلقة بالوافدين تؤثر في تدفق الأجانب، مما يعني أن عدد السكان سينخفض، مما يؤثر في الطلب».
2.5 مليون مغادر
وكتب طارق المعينة، وهو كاتب عامود في صحيفة محلية يومية تصدر باللغة الإنكليزية أن ما يصل الى 2.5 مليون من الوافدين من بين سكان البلاد البالغ عددهم 33 مليوناً يمكن أن يغادروا بحلول نهاية عام 2018 بعد أن باتت تكلفة المعيشة غير محتملة بالنسبة للعديد من الوافدين العاملين في البلاد وأفراد عائلاتهم البالغ عددهم 10 ملايين وافد.
وقد تم تحديد الرسوم المفروضة على الوافدين مبدئيا بمبلغ 100 ريال سعودي (26 دولارًا) شهريا لكل شخص ملحق بعائل.
وسوف تزيد هذه الرسوم على مدى السنوات الثلاث المقبلة، ومن المتوقع أن تجني الحكومة منها ايرادات تبلغ حوالي 700 مليون دولار في السنة.
لكن المبادرة التي تهدف الى زيادة الايرادات تهدد سوق العقارات التي هي بالأساس هشة. وكما يقول المعينة فإن سوق العقارات والايجارات في بعض المناطق يمكن أن تنخفض بنسبة تصل إلى %50. كما أن «الهجرة العكسية» تضر أيضاً بقطاعات اقتصادية اخرى.
ومع ذلك، تعاني السعودية من نقص في المساكن، ويقول المحللون إن الأثر المحتمل للرسوم المفروضة على قطاع العقارات لم يتم بعد استيعابه وتقييمه بدقة.
إصلاحات جديدة
نظام الضرائب الذي يفرض على العمالة هو أحد الاصلاحات الجذرية الكثيرة التي تهدف الى تعزيز مالية الدولة واعداد المواطنين لعالم ما وراء النفط.
ولكن محاولات المملكة العربية السعودية لتخفيض عجزها المالي أضعفت النمو عبر اقتصاد يعتمد تقليديا على الانفاق الحكومي.
وعلى وجه الخصوص، يهدد هذا الضغط قدرة الحكومة على تسليم 1.5 مليون وحدة جديدة للسعوديين ممن هم على قائمة الانتظار الحكومية.
وقد بلغ الانفاق الحكومي في قطاع البنى التحتية والنقل من الميزانية، الذي يشمل الاسكان، 12.4 مليار ريال سعودي (3.3 مليارات دولار) في النصف الأول من عام 2017، وهو ما يمثل أقل من ربع النفقات المتوقعة لهذا العام.
وبالمقارنة، فإن الانفاق على الصحة والتعليم والانفاق العسكري يقترب من %50 في النصف الأول، مما يعني أنها ستمول تمويلا كاملا هذا العام.
وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تعهد بإعلان خطة لمعالجة النقص في المساكن في وقت لاحق من هذا العام، متعهداً بايجاد المزيد من المساكن من خلال القروض الميسرة وصندوق التنمية العقارية في المملكة.
ويدعم الصندوق جهود الحكومة لتوفير السكن للسعوديين الذين اعتادوا على الرعاية الحكومية من المهد إلى اللحد.
غير أن تضخم قوائم الانتظار أثار انتقادات عامة بشأن سوء الخدمة التي يقدمها الصندوق.
وتهدف وزارة الاسكان الى معالجة الحواجز والجمود في النظام لضمان تحقيق هدفها الخاص بتسهيل بناء 120 ألف منزل جديد خلال السنوات الثلاث المقبلة مقابل هدف وطني أكبر يبلغ 280 ألف وحدة.
تقول أسماء دكاك مديرة الأبحاث الاقليمية في «جي ال ال»: «هناك الكثير من المبادرات الجارية، مثل الشراكة مع المطورين من القطاع الخاص والبنوك ومقرضي الرهن العقاري للمساعدة في سد الفجوة بشكل أسرع، ولكنها ستستغرق وقتا طويلا، المشكلة لن تتبخر خلال سنة أو سنتين، فهذا فهذا الأمر يتعلّق بتأسيس بنية طويلة الأجل».
خطة لتوفير مليون منزل
تخطط الحكومة السعودية لتوفير مليون مسكن على مدى خمس سنوات على الرغم من الضغط على مواردها المالية.
ومن المقرر عقد صفقات مع المطورين في الخارج من الصين وكوريا الجنوبية لزيادة المعروض.