قال التقرير الأسبوعي لبنك الكويت الوطني حول الأسواق العالمية إن ارتفاع الدولار وتقييد السياسة النقدية وتوسيع المخاطر الجيوسياسية عوامل حددت الرابحين والخاسرين في الأسواق المالية وأسواق الأسهم. وأضاف: مع اقتراب الربع الثاني من نهايته، حلّ قطاع التكنولوجيا، والشركات الأميركية الصغيرة وأسعار النفط في المقدمة منذ بداية السنة. وجاء ارتفاع الفئات أعلاه على حساب الأداء السلبي في الدين السيادي للدول الواقعة على أطراف منطقة اليورو، وعملات الأسواق الناشئة وأسهمها، والأسهم الصينية، التي كان أداؤها ضعيفا. وبالنظر إلى أسهم البنوك الأميركية، انخفضت الأسهم بنسبة %10 عن ذروتها في يناير مع تحول منحنى العائد في أسهم الخزينة إلى منحنى مستو باستمرار.
وقد ظهرت مؤخرا مسألة أكثر أهمية للأسواق قد تحدد أساسا أداء الفئات في الأشهر القادمة، وهي مسار سياسة مجلس الاحتياط الفدرالي والمزيد من ارتفاع الدولار الأميركي. فارتفاع الدولار يرفع احتمال المزيد من التراجع في الأسواق الناشئة. ويستمر الاقتصاد الأميركي بالتفوق في الأداء على نظرائه وعلى دول ناشئة أخرى، وهو ما يسبب انحرافا في أسعار الفائدة وفي الأرقام الاقتصادية. وإذا ما استمر توسع الأساسيات الاقتصادية، فقد يحصل على الأرجح المزيد من التصحيح في الأسواق الناشئة، والعديد من الدول المتقدمة منخرطة في هذه الأسواق في ما يخص الاستثمارات والقروض.
وارتفع المقياس المفضل للتضخم لدى مجلس الاحتياط الفدرالي إلى النسبة التي يستهدفها البنك المركزي والبالغة %2، وتبع مؤشر مصروفات الاستهلاك الشخصي المسار ذاته نحو %2.3. وبلغ كلا الرقمين أعلى مستوياتهما منذ 2012، ويعتبران مشجعين للمجلس على الرغم من أن توقعات التضخم قد بقيت نوعا ما منخفضة في ما خص معدل البطالة، وهو أمر مقلق أعرب عنه رئيس المجلس جيروم باول. وأفاد واضعو السياسة بأنهم يتوقعون إبقاء تقييد السياسة النقدية تدريجيا مع استمرار ارتفاع النمو السعري. ومعدل البطالة مهيّأ للمزيد من التراجع إلى ما دون هدف المجلس، مما يشير إلى ضغوط نحو ارتفاع الأجور والأسعار. ومع فشل الدول حول العالم في تحقيق مستوى الاستقرار السعري لديها، أنجز الاقتصاد الأميركي مهمته ببلوغ معدل التضخم المستهدف والبالغ %2. وتقدم البيانات أعلاه المزيد من الدعم لمرحلة من التباين الاقتصادي بين أميركا ومعظم الاقتصادات الرئيسية.
وكشفت القراءة الثالثة والأخيرة من وزارة التجارة الأميركية، أن الاقتصاد الأميركي توسع بوتيرة أبطأ مما كان يعتقد سابقا. فقد سجل الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول %2 مقابل التوقع السابق البالغ %2.2. ويرجع السبب الرئيس وراء تراجع البيانات إلى أضعف أداء في إنفاق المستهلك في حوالي خمس سنوات. فقد سجّلت مصروفات المستهلك %0.9 في الأشهر الثلاثة الأولى من السنة بعد أن سجلت %4 في الربع الرابع من 2017. وإضافة إلى ذلك، من العادة أن تكون أرقام الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول ضعيفة في السنوات الأخيرة بسبب العوامل الموسمية التي يواجه الإحصائيون صعوبة في فصلها عن البيانات، والتي يمكن أن تكون قد شكّلت عاملا في ذلك.
وتشير البيانات الإيجابية الأخيرة لأكبر اقتصاد في العالم إلى أن القراءة الضعيفة للناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول كانت مؤقتة ويمكن أن نتوقع انتعاشا قريبا. وبالنظر إلى الأرقام المتوقعة، فإن توقع مجلس احتياطي أتلانتا لنمو الناتج المحلي الإجمالي الآن في الربع الثاني الذي يتغير فورا مع صدور بيانات جديدة كان %3.8 تقريبا يوم الأربعاء الماضي، فيما كان متوسط توقع الاقتصاديين الذين استطلعهم بلومبيرغ %3.4. ولا زال الاقتصاد الأميركي يتفوق أداء على الدول المتقدمة حول العالم مع تباين الأرقام الاقتصادية لمصلحة أميركا. وبالإضافة لذلك، فإن الخفض الضريبي البالغ 1.5 تريليون دولار يعتبر مشجعا لزخم اقتصادي أسرع في الربع الثاني، ليضع بذلك نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي على مساره نحو تحقيق النسبة البالغة %3 التي تستهدفها إدارة ترامب. ومع ذلك، فإن السياسة الأميركية «أميركا أولا» والتصعيد الأخير في الرسوم التجارية قد يوقفان سلاسل التوريد ويخفضان استثمار الشركات وربما يزيلان فوائد التحفيز المالي.
وتراجعت ثقة المستثمر الأميركي من 128.8 في مايو إثر رفعها بعد المراجعة، إلى 126.4 في يونيو، ويرجع ذلك إلى تصاعد التوترات بين أميركا وشركائها التجاريين. وبالرغم من تراجع الثقة، تبقى الاحتمالات كبيرة بالمقاييس التاريخية. ويدعم التراجع المتواضع في التفاؤل فقط الرأي بأن المستهلكين لا يتوقعون أن ينمو الاقتصاد بالزخم الذي كان عليه. وقد تكون التوترات التي تلوح في الأفق بشأن النزاعات التجارية بدأت في التأثير سلبا في ثقة المستهلك، وهذه السلبية قد تستمر أكثر إذا استمرت الإدارة الحالية بأخذ موقف صعب من التجارة العالمية. وحتى مع تراجع الثقة، يبقى الاقتصاد في وضع أفضل من نظرائه في ما خص نمو الناتج المحلي الإجمالي، وارتفاع التضخم، والعدد الكبير من الوظائف الجديدة وانخفاض الضرائب.
وينظر إلى سوق العمل على أنه قد بلغ التوظيف الكامل أو أنه قريب منه، مع بلوغ معدل البطالة أدنى مستوى له في 18 سنة عند %3.8. وقد حذّر العديد من الاقتصاديين من أن السياسات التجارية القومية لإدارة ترامب قد تقوّض الدعم الذي لقيه الاقتصاد من حزمة الخفض الضريبي البالغة 1.5 تريليون دولار التي أقرت السنة الماضية.
أما بالنسبة للدولار، فقد كان أداؤه إيجابيا الأسبوع الماضي بالرغم من خفض الناتج المحلي الإجمالي بعد المراجعة في الربع الأول. والطلب على الدولار قوي خاصة بشأن عوائد سعر الفائدة، وله خصائص أصول الملاذ الآمن. وإضافة لذلك، فإن التباين في الأداء الاقتصادي بين أميركا والعديد من الاقتصادات المتقدمة الرئيسة الأخرى هو عامل آخر. ولقي الدولار المزيد من الدعم، يوم الأربعاءن بصدور آخر تقرير تجاري أميركي. فقد أظهر التقرير أن المؤشر المتقدم للعجز التجاري في السلع تراجع مع ارتفاع الصادرات بنسبة %2.1 على أساس شهري. ففي الأشهر الثلاثة الأخيرة، ارتفعت الصادرات بنسبة %24.3، فيما تراجعت الواردات بنسبة %6.5. وتدعم هذه البيانات ارتفاع بيانات الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني. وبدأ الدولار الأسبوع عند 94.564، وارتفع إلى أعلى مستوى له عند 95.531 لينهي الأسبوع عند 94.636.
منطقة اليورو
وشهدت الدول التسع عشرة التي تتعامل باليورو نموا سعريا سنويا من %1.9 إلى %2 هذا الشهر. وأشارت البيانات الأولية لمكتب إحصاءات منطقة اليورو إلى أن ارتفاع التضخم يرتبط بارتفاع أسعار الغذاء والطاقة. وقد لعب ارتفاع أسعار النفط دورا رئيسيا، مع ارتفاع أسعار الطاقة من %1.9 في مايو إلى %8 سنويا. وفي الوقت نفسه، تراجع التضخم الأساس من %1.1 إلى %1. ومن الواضح أن سعر النفط هو سبب التباين بين التضخم الكلي والتضخم الكامن. وتتحسن الأجور بوتيرة بطيئة جدا، ولا يزال يبدو أن هناك شكاً في أن يرتفع معدل التضخم الأساس بشكل كبير.
ولا يزال توقع الاقتصاد الموحد غير أكيد، إذ إن بعض الكيانات أنحت بلائمة انخفاض الربع الأول على أسباب مؤقتة، فيما أشار غيرها إلى تراجع لفترة أطول. وإذا ما أضفنا إلى عدم اليقين هذا تراجع النمو السعري الكامن، يمكن أن نفسر النهج الحذر للبنك المركزي الأوروبي في إزالة التحفيز الذي كان يقدمه للاقتصاد. ولا يزال التضخم الأساس يفتقد لمسار ارتفاع مقنع يتطلع إليه البنك قبل الخروج من سياسته التسهيلية. ولكن رئيس البنك ماريو دراغي كان قد أعلن نهاية التسهيل الكمي في ديسمبر 2018، وقال البنك إنه لن ينظر في رفع لسعر فائدته الأساس حتى نهاية صيف 2019.