أصبح خيار إطلاق عملة رقمية أولوية بالنسبة للنظام الإيراني، لمواجهة العقوبات الأميركية، مستفيداً من التجربة الفنزويلية، لكن الهدف يبدو أكثر تعقيداً مما كان عليه، في وقت سابق.
دخلت قبل يومين الحزمة الأولى من العقوبات الأميركية على إيران حيز التنفيذ، وتتضمن تجميد كل العمليات المالية بالدولار مع أي متعامل إيراني، في انتظار حزمة ثانية في الخريف. ويهدف قرار الإدارة الأميركية إلى عزل إيران ما أدى إلى تراجع قيمة الريال الإيراني مقارنة بالدولار منذ 8 مايو الماضي.
وتسعى إيران وفق المجلة الاقتصادية الفرنسية كابيتال بشكل جدي إلى تطوير عملة رقمية وطنية للالتفاف على العقوبات الأميركية. وتم التطرق إلى الفكرة في فبراير الماضي، من خلال تغريدة لوزير الاتصالات، لكنها أخذت أبعاداً أخرى في 17 مايو الماضي، حين أعلن رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان محمد رضا بور إبراهيمي إخطار البنك المركزي بضرورة تقديم مقترحات حول استخدام محتمل لعملات رقمية، في حين قال علي رضا داليري وهو موظف سام في الرئاسة لوكالة أنباء الطلبة إيسنا منتصف يوليو الماضي إن بلاده تهيئ الأرضية لإطلاق عملة رقمية محلية.
وفكرة الالتفاف على العقوبات الأميركية عن طريق عملة رقمية ليست فكرة جديدة، ففي فبراير الماضي، كانت فنزويلا أول دولة تلجأ إلى إطلاق عملة رقمية، تحت مسمى «بيترو»، وترتبط قيمتها بسعر برميل النفط الفنزويلي، الذي كان في حدود 60 دولاراً في تلك الفتر ة.
وأطلقت كاراكاس هذه العملة الافتراضية لتوفير رأسمال في الأسواق، بعد أن منعت الولايات المتحدة أيا كان من شراء البترول الفنزويلي. لكن أي حصيلة لعملة «البيترو»؟
أعلن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أنه جنى 5 مليارات دولار من هذه العملية، لكن بعض الشكوك تحوم حول نجاح هذه المبادرة، حيث أكد عدد من الخبراء الفنزويليين المقيمين في الخارج أن الحكومة لم تجن أي دولار. ويقول الخبير الاقتصادي إدواردو غوميز لمجلة كابيتال «ما عليكم سوى أن تتابعوا وسائل التواصل الاجتماعي لتكتشفوا أن لا أحد أعلن امتلاكه هذه العملة الرقمية». ويذهب هذا الفنزويلي المقيم في سان فرانسيسكو إلى أبعد من ذلك، حيث يضيف «البيترو غير موجودة تماماً، وقاعدة البيانات لم تطلق أبداً».
أما بالنسبة إلى إيران فسيكون الهدف من إصدار عملة رقمية هو المحافظة على العلاقات الاقتصادية مع الخارج أكثر من توفير رؤوس أموال، ذلك لأن الريال الافتراضي لن يستخدم الدولار خلال أي معاملة دولية. وفي حالة شركة فرنسية لها تعامل تجاري مع طهران، فستتلقى العملة الرقمية التي ستحولها إلى «بيتكوين» ومن ثم إلى يورو في النهاية، وإن لم يستخدم أي يورو في العملية التجارية، فلن تستطيع الولايات المتحدة التدخل. لكن السؤال الجوهري هنا: هل تملك إيران الإمكانات والكفاءة اللازمة لتطوير مثل هذا المشروع؟ لأن مثل هذا البروتوكول يحتاج إلى حصانة كبيرة ضد الهجمات الإلكترونية، وإلا فسيكون من دون فائدة.
في المقابل، فإن لـ «البيتكوين» آفاقاً جيدة في إيران. ففي مقال نشره الموقع المتخصص Hacker Noon، قال برايان اهاغان مدير التسويق الذي يعمل لدى الوسيط الفرنسي كوين هاوس إن الإيرانيين بدأوا بالتوجه أكثر فأكثر نحو العملات الرقمية لحماية أنفسهم من الانهيار الاقتصادي.
وفي الواقع تمتاز «البيتكوين» بأنها لم تتعرض أبداً إلى القرصنة، وعلى الرغم من أنها شديدة التقلب فإنها أكثر أهمية بالنسبة إلى الايرانيين مقارنة بالريال بالنظر إلى تراجع قيمته. ووفق رئيس اللجنة الاقتصادية البرلمانية محمد رضا بور إبراهيمي، فإن بلاده استثمرت 2.5 مليار دولار من أجل شراء عملات رقمية في إيران. ويقول برايان أوهاغان إن «علاقة إيران بالبنوك الدولية ستقطع، لكن المعاملات التجارية التي تتم بـ «البيتكوين» هي خارج نطاق التشريع الأميركي». ويضيف «إن عملة دولية مثل «البيتكوين»، في وضع جيد لتصبح عملة الاحتياطي العالمي في المستقبل، ويمكن أن تصبح احتياطي عدد من الدول المعزولة مالياً كفنزويلا وإيران وزيمبابوي».
شاهد أيضاً
ما هي إشارات التداول ومن المستفيد منها؟ خبراء أكسيا يجيبون
إن إشارات التداول تعد من الأساسيات التي تساعد المتداول على تحقيقأهداف خطته الاستثمارية والتمتع بتجربة …