«غراب».. قصة شركة ناشئة هزت عرش «أوبر»

32688549

رغم أن تأسيس الأعمال التجارية الإبداعية وتعظيم تواجدها عادة ما يواجه عقبات متشابهة في أغلب أنحاء العالم، مثل قبول الناس للفكرة الجديدة والقواعد لالتنظيمة والتمويل وغيرها، فإن الأمر يختلف بعض الشيء في آسيا، وفق ما تناوله تقرير لـ«شاينا ساوث مورنينغ بوست».
وعندما ذهب أنتوني تان، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لمقدم خدمات مشاركة الركوب (غراب)، إلى لقاء عمل مع رئيس شركة تملك أسطولا من سيارات التاكسي في أحد مطاعم الفلبين، علم أنه لن يكون اجتماع عمل مثل المعتاد.
ويقول تان، الذي تعد شركته الآن من أهم كيانات التكنولوجيا في آسيا، وتمكنت مؤخراً من إخراج «أوبر» من منطقة جنوب شرق آسيا: وجدت بعض الأشخاص الذين يرتدون السترات والنظارات الشمسية، وكنت أتساءل: لماذا يفعلون ذلك بينما الأجواء حارة في مانيلا ونحن في ساعة متأخرة من الليل؟
وأثناء الاجتماع، الذي كان يهدف إلى ضم أسطول رجل الأعمال الفلبيني إلى خدمات «غراب»، شعر تان بأمر مريب وسمع أصوات غير مفهومة، وبخفة شديدة وجه نظره أسفل الطاولة ليرى ما يشبه البندقية الآلية على الأرض، ورغم أنه لم يوضح ما انتهى الأمر إليه، لكنه علق عليه قائلاً: في لحظة كنت أعتقد أن المفاوضات تسير في مصلحتي، وفجأة أدركت أني أجلس مع أحد أكبر تجار السلاح في المنطقة على طاولة واحدة.
ويضحك تان، البالغ من العمر 36 عاماً، الآن عندما يروي مغامراته في الأيام الأولى لترسيخ قواعد «غراب»، التي يقع مقرها الرئيسي في سنغافورة، ويطل على أحد المشاهد الرائعة في المدينة لميناء تانغونغ باغار، مما ينفي عن الشركة لوهلة حقيقة أن تان وزميلة دراسته تان هوي لينغ أطلقاها من مرآب صغير في كوالالمبور، ماليزيا.
ومنذ نشأتها قبل ست سنوات تقريباً، خاضت «غراب» منافسة شرسة مع أقرانها مثل «أوبر»، لكن سرعان ما أصبحت أكبر شركة تكنولوجيا ناشئة في جنوب شرق آسيا، بقيمة سوقية تتجاوز العشرة مليارات دولار، وتجعل ثروة تان الشخصية تقدر بحوالي 300 مليون دولار وفقاً لتقديرات «فوربس»، التي لم تشمل جولة التمويل الأخيرة.
ويبلغ تعداد سكان جنوب شرق آسيا ـــ نطاق تمركز الشركة ــ نحو 660 مليون نسمة، مما يجعلها سوقاً كبيرة ملائمة لشركات التكنولوجيا، ومن المتوقع أن تصل قيمة «غراب» إلى أكثر من 20 مليار دولار بحلول عام 2025، وفقاً لتقرير اقتصاد الإنترنت في جنوب شرق آسيا، الذي أصدرته «غوغل»، بالتعاون مع «تيماسيك هولدينغز» في ديسمبر.
واليوم تعمل «غراب» في 225 مدينة في ثماني دول، وتم تحميل تطبيقها أكثر من 100 مليون مرة، وتطورت منصتها من وسيلة لحجز سيارة أجرة بهدف الحفاظ على سلامة السائقين والركاب، لتشمل حجز السيارات الخاصة والدراجات والحافلات، ومؤخراً خدمات توصيل الطعام والطرود والبقالة.
ولربط جميع خدماتها معاً، أطلقت الشركة خدمة جديدة للدفع عبر الجوال تحت اسم «غراب باي» في 2016، مما جعل سداد مقابل الخدمات أسهل وأكثر تحفيزاً على إجراء عمليات الشراء، خاصة مع وجود نظام لمنح المستخدمين مكافآت، ومن المتوقع أن تحقق الشركة إيرادات بقيمة مليار دولار هذا العام.
وصمم تان وزميلته فكرة «غراب»، التي تُعرف أصلاً باسم «ماي تاكسي»، أثناء دراستهما لماجستير إدارة الأعمال في جامعة هارفارد، وفيما كانت تركز الشركات، مثل «أوبر» و«ديدي»، على تلبية الطلب المتزايد وتحقيق أعلى درجة من التوافق بين السائق والراكب، كان مؤسسا «غراب» لديهما نقطة انطلاق مختلفة وهي تحسين السلامة.
ومسألة السلامة كانت تعني الكثير في صناعة سيارات الأجرة في ماليزيا، وبسبب بعض السائقين عانت الصناعة برمتها من سمعة سيئة للغاية، حتى تان هواي لينغ، المؤسسة المشاركة لـ«غراب»، كانت تعاني إذا أنهت عملها في وقت متأخر من الليل واضطرت لاستقلال سيارة أجرة.
وبفضل معايشتهما لهذه المخاطر كانت «غراب» قادرة على منح مستخدمي تطبيقها خدمة أكثر أماناً، مع إمكانية مشاركة بيانات الرحلة في الوقت الفعلي مع أي شخص آخر كإجراء احترازي، وبعد ذلك أخفت رقم جوال العميل عن السائق لحماية خصوصيته.
واليوم تضم قائمة المساهمين في «غراب» مستثمرين كبارا، مثل الشركة اليابانية «سوفت بنك»ـ والصينية «ديدي شوكينغ»، ومؤخراً التقى تان برئيس «تويوتا موتور» أكيو تويودا، التي استثمرت مليار دولار في شركته، في ما يبدو كلقاء لتعزيز الاستثمار في خدماته.
لكن أهم مستثمر على الإطلاق في مسيرة «غراب» هي خور سوي واه، والدة تان، ففي البداية رفض الوالد تان هينغ تشو مقترح ابنه بإطلاق خدمة لاستدعاء سياراة الأجرة، وحثه على البقاء ضمن أعمال العائلة، لكن أمه التي عرفت بدعمها الدائم له، جمعت ملايين الدولارات لمساعدته على تطوير مشروعه ورافقته إلى اجتماعات المستثمرين خلال الأيام الأولى.
وخطوة تلو الأخرى اكتسبت مساعي تان قوة الدفع الكافية، ولا يزال المؤسس المشارك حتى الآن حريصاً على ألا يستخدم كلمة «النجاح»، التي يرى أنها تعني بلوغ النهاية، ويقول: ليست هناك نهاية أبداً، سنجد دائماً وسائل لمواصلة التوسع.

شاهد أيضاً

ما هي إشارات التداول ومن المستفيد منها؟ خبراء أكسيا يجيبون

إن إشارات التداول تعد من الأساسيات التي تساعد المتداول على تحقيقأهداف خطته الاستثمارية والتمتع بتجربة …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.